لم ينجز
مجلس الوزراء أمس مشروع قانون إعادة تنظيم المصارف الذي لا يزال يحتاج إلى مزيد من النقاش، بل أقرّ مجلس الوزراء الأسباب الموجبة للمشروع، على أن تُعقد جلسة للمجلس الجمعة المقبل لاستكمال دراسة مشروع القانون.
وكتبت" الديار": تحذيرات الوسيطة الاميركية الاقتصادية، حركت الحكومة التي بدأت مناقشة مشروع قانون يرمي الى تعديل «السرية المصرفية»، والتي كانت اورتاغوس قد ابلغت المعنيين به «تحفظها» على بعض التعديلات المقترحة والتي لا تلبي الغاية منها، كما انها لا تتوافق مع مبدأ الشفافية، كما اقرت الاسباب الموجبة لمشروع قانون اعادة هيكلة القطاع المصرفي، الذي يلاقي جملة اعتراضات ابرزها من جمعية المصارف والمودعين الذين يتوجسون من اقراره بدون خطة نهوض اقتصادي تراعي الفجوات المالية، وبالتالي قد تؤدي الى شطب اموالهم، على امل ان تنجز مهمتها مطلع
الاسبوع المقبل وتحيل المشاريع الى المجلس النيابي.
امر دفع باوساط سياسية الى ابداء خشيتها مما يجري طبخه، داعية الى انتظار كيفية تعامل المجلس النيابي مع حزمة القوانين، وتحديدا المتعلق بالسرية المصرفية، وما اذا كان سيكتفى باحالته الى اللجان المشتركة لمناقشته قبل 21 الشهر، ام سيتم انجاز التصويت عليه في الهيئة العامة قبل هذا التاريخ، وسط ريبة دولية من المحاولات المستمرة للالتفاف عليه، رغم التهديدات الاميركية الواضحة.
وكتبت" الاخبار": فقد استحكم النقاش في جلسة أمس بين وجهتين: الأولى تشير إلى ضرورة إقرار مشروع القانون كما هو سريعاً، وفقاً لطلب صندوق النقد الدولي، على أن تليه
قوانين أخرى بشأن توزيع الخسائر والكابيتال كونترول.
والثانية تشير إلى أنه لا قيمة فعلية لهذا القانون إذا تعامل مع الخسائر كأنها غير موجودة، وبالتالي يجب إقراره بالتوازي مع إقرار القوانين الأخرى. لذا، اتّفق الجميع على إقراره بعد الأخذ بملاحظات الوزراء وبعد تعديل المادة 37 المتعلقة بمدّة سريان القانون ليكون نافذاً عند إقرار سائر القوانين المرتبطة به.
أمس كان النقاش في مشروع القانون، كما في الجلسة السابقة، أي في المسألة المتعلقة بالفصل بين مسألة معالجة أوضاع المصارف وتصنيف من كان قادراً منها على الاستمرار، عن مسألة الخسائر التي تتركّز في ميزانيات المصارف التجارية ومصرف
لبنان، وعن مشروع قانون الكابيتال كونترول. وهذا النقاش، ليس مستجداً، إنما كانت الحكومة السابقة قد تمكّنت من تجاوزه عبر
توحيد كل هذه القوانين في مشروع واحد يبرّر كل التعديلات القانونية التي ستطرأ على قانون النقد والتسليف وقانون عام 1991 وقانون 2/67.
في الواقع، ثمة رأي وازن يشير إلى أن ما يقدّمه المشروع المطروح على طاولة مجلس الوزراء، ليس سوى نسخة محدّثة من القوانين الموجودة أصلاً لمعالجة الإخفاقات المصرفية، والتي تنيط بالهيئة المصرفية العليا بوصفها لجنة قضائية مالية، التعامل مع التعثّر المصرفي، وتتيح للجنة الرقابة على المصارف مراقبة تطبيق قرارات الهيئة.
لذا، إن إقرار قانون جديد لا يتعامل مع الخسائر التي تمتد من ميزانيات المصارف إلى ميزانية مصرف لبنان، يُعدّ مسألة مستغربة لتحديد من يستمرّ من المصارف والمترتبات الملقاة على أصحابها للاستمرار، ولتحديد مصير الودائع أيضاً.
توزيع الخسائر هو أمر مرادف لتوزيع المسؤوليات. لكن وسط غياب هذا المفهوم، حصلت تطورات أفرزت لوبيات صغيرة داخل اللوبيات الأكبر، سواء بين قوى السلطة أو بين المصارف، أو في ما بين الطرفين.
ففي داخل الجهاز المصرفي، سُجّل انقسام بين مؤيّد ومعارض لهذا المشروع الذي يقسّم مرحلة «الإصلاح» إلى اثنتين؛ في الأولى يتم التعامل مع توظيفات المصارف لدى مصرف لبنان كأنها موجودة بقيمها الدفترية، ما يدفع لجنة الرقابة على المصارف إلى التعامل مع هذه المصارف وفق قواعد ومعايير الملاءة والرسملة.
ومن يجتاز المرحلة الأولى، يخضع للمرحلة الثانية، إذا أُقرّ القانون المتعلق بها، أي قانون إعادة التوازن المالي الذي سيحدّد حجم الخسائر لدى مصرف لبنان والمصارف وكيفية توزيعها.
المرحلة الأولى تكاد تكون واضحة للجميع، لكنّ المرحلة الثانية ضبابية جداً، رغم أن حجمها ومفاعيلها هي الأكبر، إذ ستضطر السلطة إلى معالجة أكثر من 80 مليار دولار من الودائع التي لا يمكن المصارف ردّها للزبائن، وستتعامل مع المبلغ بنفس الحجم تقريباً بين مصرف لبنان والمصارف. وكلّ هذا الأمر يحصل على أعتاب الانتخابات النيابية المقبلة والشعبوية التي ترافقها.
ويترتّب على أصحاب المصارف في هذه المرحلة أن يحدّدوا موقفهم من الاستمرار بضخّ الرساميل الجديدة، أو بالاستنكاف عن ذلك (وهنا سؤال أيضاً عن المسؤوليات المترتّبة عليهم).
لكن ليس السؤال الآن محصوراً بمن سيجرؤ على إعلان شطب الودائع بشتى الطرق المطروحة (تمليك المودعين أسهماً في المصارف، تمليكهم سندات خزينة صفرية أو دائمة، ردّ 100 ألف دولار من الوديعة فقط، شطب الفوائد الإضافية، فرض
إظهار مصدر الأموال، تحويل جزء من الوديعة إلى ليرة لبنانية...)، فكل هذه الحلول تعني أن المودع أُخضع لشطب لوديعته بشكل مباشر أو غير مباشر. بل ما يثار اليوم بين المصارف يتعلق بمن هو قادر على تجاوز المرحلة الأولى، أو المرحلتين.
يقول مصرفيون، إن ثلاثة مصارف كبرى فقط، تتصرّف كأنها ستتجاوز المرحلة الأولى، وهي ترحّب بإقرار هذا المشروع. بينما ثمة مصارف عالقة في المنتصف أو على الحافة ولا سيما أن بعضها لديها شرائح من الودائع الصغيرة أكثر من غيرها بينما تطغى شرائح الودائع الأكبر على مصارف أخرى، وهناك مصارف ترغب في أن ترى الحجم النهائي للخسائر التي ستُلقى عليها لتقرّر إذا كانت راغبة في زيادة رساميلها والاستمرار أو لا.
اجتماع في وزارة المال
وفي إطار الإجراءات الإصلاحية، عُقد أمس اجتماع في وزارة المال،
حضره عن الجانب اللبناني وزير المال ياسين جابر وعن صندوق النقد الدولي رئيس الوفد إلى لبنان ارنستو راميريز ريغو، وجرى خلال الاجتماع عرض للمواضيع التي سيناقشها الصندوق أثناء زيارة الوفد اللبناني إلى واشنطن للمشاركة في المؤتمر السنوي للصندوق في ربيع عام 2025. وأشار ريغو إلى أن الصندوق سيتشاور مع الوفد اللبناني في شأن الرؤية الإصلاحية ومسار المالية العامة للأعوام الخمسة المقبلة التي ستتناول موجبات إعادة الإعمار وإعادة جدولة الديون ومواجهة متطلبات الحاجات الاجتماعية، إضافة إلى مساهمة الخزينة في تمويل الإنفاق الاستثماري ورسملة مصرف لبنان في مواجهة الأزمة المصرفية الحالية. وبعد عرض لما توصلت إليه الحكومة لجهة تعديل قوانين الإصلاح المصرفي، شدّد ريغو على أهمية إقرار تلك القوانين قبل الاجتماعات مع كبار المديرين في الصندوق في واشنطن لما في ذلك من أبعاد إيجابية على خطوات الإصلاح. وفي هذا السّياق، أعلنت أمس وزارة الاتّصالات عن فتح باب الترشيح لخمسة مناصب شاغرة في الهيئة المنظّمة للاتّصالات وهي، رئيس للهيئة وأربعة أعضاء. وجاء هذا الإعلان بعد أكثر من 13 سنة من الغياب الفعلي للهيئة المنظّمة للاتّصالات، في خطوة تهدف إلى تفعيل دورها الأساسي في تنظيم قطاع الاتّصالات وضمان شفافيّته وفعاليّته. وفي السياق نفسه، سوف تطلق وزارة الطاقة والمياه أولى خطواتها أيضاً لتعيين الهيئة الناظمة للمرة الأولى منذ صدور القانون الذي ينص على تشكيلها عام 2002 ولم ينفذ بعد. وسيلي تعيين الهيئة وفق الأولويات التي وضعها وزير الطاقة والمياه جو صدي الانكباب على تحسين الجباية في قطاع الكهرباء وسط المضي في إنجاز الحوافز والتسهيلات لتوسيع الطاقة الشمسية كما جرى أخيراً عبر إعفاء المواطنين تماماً من أي إجراءات استباقية لاستعمال الطاقة الشمسية، ومن ثم إنجاز البنية القانونية والإدارية لعمليات التلزيم المتصلة بقطاع الكهرباء والطاقة، ومن ثم إقامة معمل أو أكثر لإنتاج الطاقة على الغاز بإيجاد المستثمرين والتمويل.