نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا عن أزمة الكهرباء التي تنخر لبنان، مشيرةً إلى أنّ النقص في الكهرباء يحتل قائمة شكاوى اللبنانيين.
ورأت الصحيفة أنّ الأعطال الناتجة عن فساد الطبقة السياسية وعجزها عن إصلاح شبكة عفا عليها الزمن وقديمة، تعدّ رمزا للمشاكل التي تؤثر على لبنان، مشيرةً إلى أنّ مؤشر القدرة التنافسية للمنتدى الاقتصادي العالمي صنّف لبنان في المرتبة قبل الأخيرة عالميا من حيث جودة الطاقة، وذلك في العام 2015.
وأضافت الصحيفة أنه في الوقت الذي ارتفعت فيه احتياجات البلاد لتبلغ 3.5 جيغاواط في الساعة، فإن إنتاج مؤسسة كهرباء لبنان، التي توفر محطتان كبيرتان للوقود، يبلغ سقف إنتاجها 2 جيغاواط في الساعة. وعلى الرغم من وعود الحكومات المتعاقبة، لم يتلق هذا القطاع أي استثمار من طرف الدولة منذ التسعينيات، بحسب ما كتبت "لو موند".
وفي هذا الصدد، نقلت الصحيفة عن هالة بيجاني، مديرة مركز "كلنا إرادة" قولها إنه "في حال أضفنا مشاكل عدم الفوترة بسبب مشاكل التجميع أو رفض الدفع، فإن 36 بالمئة من الكهرباء المنتجة لا تولد إيرادات".
وشرحت الصحيفة قائلةً: "إن غياب المداخيل يعد أكثر أهمية من تعريفات شركة كهرباء لبنان، التي لم ترتفع منذ سنة 1994. ويتجاوز متوسط تكلفة الإنتاج للكيلوواط في الساعة الذي يتم احتسابه بناء على برميل النفط الذي يبلغ سعره 55 دولارًا، تكلفة الفوترة. نتيجة لهذا الوضع المأساوي، أصبحت شركة كهرباء لبنان فجوة مالية بالنسبة للدولة. وقد خططت الحكومة لدعم الشركة بمبلغ 1.6 مليار دولار (1.44 مليار يورو) هذه السنة، أي 10 بالمئة من نفقات الميزانية. ووفقًا للبنك الدولي، فإن ما يقرب من 40 بالمئة من الدين العام المتراكم منذ سنة 1992، والذي يقدر بنحو 85 مليار دولار، يمكن أن يعزى إلى التحويلات من الخزينة اللبنانية إلى شركة كهرباء لبنان".
وبيّنت الصحيفة أنّ هذا الأداء يعاقب الشركات التي يتعين عليها الانتظار حوالي 56 يومًا للحصول على الكهرباء بعد تقديم طلبها، وفقًا لمسح أجراه البنك الدولي، مقارنةً بما بين 13 و19 يومًا على التوالي في الأردن والمغرب.
كما تحدّثت الصحيفة عن فشل الاتفاق على مناقصات لبناء محطات توليد جديدة وإنشاء وحدات إنتاج مؤقتة، ناقلةً عن بيجاني قولها: "في لبنان، يعد توفير الكهرباء إحدى وسائل المحسوبية والإثراء الشخصي. طالما أن الأحزاب السياسية لم تتوصل إلى طريقة كسب المال عن طريق إعادة تنظيم القطاع وكيفية توزيع هذه الأرباح الجديدة، فلن تتقدم بشأن هذه المسألة".
توازياً، تطرّقت الصحيفة إلى "مافيا المولدات"، قائلةً: "قد تراهن هذه الشبكة غير الرسمية المكونة من رجال الأعمال والسياسيين، الذين يسيطرون على سوق تبلغ قيمته ملياري دولار سنويًا، دون ضرائب، بكل شيء بسبب ارتفاع نفوذ مؤسسة كهرباء لبنان. لهذا السبب، لم تتقدم عملية إصلاح حوكمة القطاع أيضًا. فباعتبارها أكثر من سلطة حقيقية لتنظيم للقطاع مستقلة عن السلطة السياسية، التي سيكون لها القرار الأهم في المناقصات، فإن خطة البستاني تكتفي بالدعوة إلى إنشاء مكتب دراسات استثنائي، تحت إشراف وزارة الطاقة".
وفي الختام، أوضحت الصحيفة أن "كل هذه المناقصات تعتبر مغرية بالنسبة للطبقة السياسية التي لا تريد أن تفقد السيطرة عليها"، وذلك حسب ما لاحظه خبير أجنبي حرص على عدم الكشف عن هويته. ووفقًا للشائعات المستمرة، فإن تركيب البواخر الكهربائية التركية قبالة السواحل اللبنانية، في إطار حل مؤقت لنقص الإنتاج في شركة كهرباء لبنان، قد رافقه دفع رشاوى، بحسب ما كتبته.