إن الضرب بالميت حرام. هذه هي حال حكومة حسّان دياب، التي ولدت "سباعية". مسكينة هي. فهي لا تعرف حالها إذا كانت تنوقراط أم سياسية أم الأثنين معًا. في الممارسة هي سياسية بإمتياز، وهذا ما يُسقط عنها، في النظريات، صفة التكنوقراط. نقول مسكينة ويدنا على قلبنا، لأنها أثبتت بالتجارب اليومية أنهت تستأهل الشفقة على حالها، جراء ما تتعرض له من مضايقات، وما تتلقاه من سهام. يصيبها البعض، ويخطئها البعض الآخر، وإن كان حالها لا ينطبق على قول المتنبي حول السهام المتكسرة، إلاّ في حال المكابرة والتشاوف، وقد يكون هذا ما عليه رئيسها، الذي يحاول بشتى الطرق دفن رأسه بالرمال مخافة أن يرى الواقع على حقيقته.
وقد يأتي من يسأل: هل إنتفت الحاجة إلى هكذا حكومة، لا لون ولا طعم ولا رائحة لها؟
هل رفع "حزب الله" العشرة ونفض يديه من حكومة لما كانت لتقوم لولاه ولولا إصراره على أن تكون بديلة عن حكومة سعد الحريري، بعدما قدّم له الثنائي الشيعي "لبن العصفور"؟
هل ستسقط من الداخل قبل أن يُسقطها الخارج بعدما تراكمت المشاكل على رأسها من كل حدب وصوب؟
ومن علامات قرب سقوطها وعدم إنتفاعها من الدعم المطلق، الذي قدّمه لها "حزب الله"، وهذا ما لم يقدّمه لأحد سوى للرئيس عون، واحدة من سلسلة تبدأ ولا تنتهي عند حدود معينة، ومن بين هذه العلامات إستعداد الشارع لثورة حقيقية هذه المرّة، لأن الكيل قد طفح، ولم يعد من الجائز والمقبول السكوت عمّا نحن مقبلون عليه من جوع وعوز وفاقة، في الوقت الذي تقف فيه الحكومة متفرجة وليس في يدها أي حيلة.
ومن بين الأمور التي لم تعد تطاق أن يقفز سعر السلع الإستهلاكية الضرورية وغير الكمالية عشر مرّات عن السعر الذي كان عليه قبل الأزمة المشؤومة. نفهم أن سعر الدولار إرتفع ثلاثة أضعاف مما كان عليه يوم كان سعر الدولار الواحد 1500 ليرة، ولكن لا نفهم أن ترتفع الأسعار إلى مستويات لا يمكن تصورّها، بحيث أصبح كل تاجر فاتح على حسابه وهو بات يأكل مال الفاجر، حيث إنقلبت الآية، وفوق كل ذلك لا من يسأل ولا من يحاسب.
ومن بين علامات قرب السقوط الهجوم على حاكم مصرف لبنان، الذي إنتهى على طريقة "لا غالب ولا مغلوب". ومن التعثر في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي علامة أخرى، وفي تهديد "حزب الله" اذا ما أقفلت معابر التهريب من بين العلامات الكثيرة. وأخيراً وليس آخراً، مهزلة سلعاتا الغاطسة أطرافها حتى أذنيها بالفساد والمحسوبيات، وإنقلاب المفاجىء في موقف الحكومي من معارض إلى غير مبالٍ.
وهكذا، يتواصل ضرب أسس الإنجازات التي لا وجود لها الا في مخيلة صاحبها، وتتلازم مع موافقة قلة من الوزراءن الذين يبصمون على "العميانة"، لأنهم يصدّقون أوهام ما يسمى بالإنجازات، في حين يلتزم باقي أعضاء هذه الحكومة بأجندات القوى التي رفعت مرتبتهم من مستشارين الى وزراء.
ويصادف أن تقف في وجه الحكومة هذه الفورة الطائفية المغرضة، إن عبر بعث المطالبة بالفيدرالية، أو عبر إعلان الانقلاب على الدستور والصيغة اللبنانية المنتهية صلاحيته، والتي لا قدرة للحكومة على مواجهتها، على رغم أنها تقول عن نفسها إنها حكومة مواجهة التحديات.