بينما يرفع اللاجئ اللبناني راية "اليوم العالمي للاجئين" الذي أقرته الأمم المتحدة في 20 حزيران تذكيراً بمعاناته مع اللجوء، تعيد السويد رفع راية الطرد في وجههم من جديد، كأنما لا يكفي اللبناني هموم التشريد والتهجير والصراع اليومي للحصول على لقمة العيش.
بالأمس، أعلن وزير العدل والهجرة السويدي مورغان يوهانسون، عزمه دعوة سفراء بعض الدول، ومنهم لبنان للوصول الى صيغة تعاون من أجل استقبال مواطنيها بعد رفض استقبالهم. لكن السفير اللبناني في السويد حسن صالح نفى تلقيه أي دعوة رسمية للنقاش مؤكداً على حق هؤلاء اللبنانيين في اللجوء وعدم إعادتهم الى لبنان.
ويقول اللاجئون اللبنانيون في السويد أنهم لا يلقون بالاً بالتصريحات الرسمية بشأنهم، ولا يعولون على مساعدة الدولة اللبنانية التي كانت سبب لجوئهم الى الخارج.
ويقول الناشط اللبناني نضال درويش، الذي لجأ الى السويد منذ خمس سنوات من دون أن يتمكن من الحصول على حق الإقامة "إن من يستطيع مساعدتهم هم فقط المجتمع المدني والاحزاب السياسية في السويد".
ورداً على كلام يوهانسون حول طلب إستجابة هذه الدول ومنها لبنان لمطلبه من باب حرصها على العلاقات مع بلاده، وصف السفير صالح علاقة لبنان بالسويد بالعلاقة العريقة والقديمة والمتينة، مؤكداً حرص بلاده على أفضل العلاقات بين الجانبين وأنه من موقعه يحرص على تطويرها لكن من غير المقبول حصرها بقضية اللاجئين اللبنانيين.
كما رأى صالح أن توقيت إثارة هذه المسألة غير مثالي في ظل محاولة دول العالم استعادة عافيتها بعد انحسار جائحة كورونا، أضف الى ذلك الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها لبنان حيث وصلت نسبة البطالة الى 45 بالمئة.
وقال صالح إن "المسألة تحتاج الى نقاش مع الجانب السويدي ليتفهموا الوضع المعيشي والاقتصادي الضاغط في لبنان من أجل الوصول الى تفهّم للاعتبارات الانسانية الصعبة لهؤلاء الاشخاص".
وأضاف أن لبنان "يحمل عن كاهل العالم مليون ونصف لاجئ سوري، وجميع المساعدات التي تصله غير كافية لايفاء الأعباء التي تتكبدها السلطات اللبنانية للوفاء بالتزاماتها الانسانية تجاههم، لذا لن يضير الدول الأوروبية تحمل بعض أبناء الجالية اللبنانية، خصوصا أن لبنان لم يتصرف مثل غيره فاتحا حدوده البحرية أمام اللاجئين ليصلوا الى الشواطئ الأوروبية”.
ونفى صالح وجود أي تقصير من الجانب اللبناني لايصال هذه الرسالة للسلطات السويدية، وقال إن "لبنان ضحية تداعيات الحرب السورية مرتين، الأولى في تحمله هذا الكم من اللاجئين، والثانية في مساعي السويد إلى إعادة اللاجئين اللبنانيين بعد موجة اللجوء السورية الكبرى إلى أوروبا عام 2015، وما ترتب عليها من صعود للخطاب اليميني المتطرف المطالب بترحيل اللاجئين".
كما وجه السفير اللبناني رسالة الى اللاجئين اللبنانيين المرفوضة طلبات لجوئهم في السويد، قائلاً أنهم "ليسوا أيتاما ولديهم دولة لن تفرط في حقوقهم". وأضاف أنه كسفير للبنان لا يستطيع القضاء على فسحة الأمل لدى اللاجئ اللبناني في العيش بسلام وتأمين لقمة عيشه في السويد خاصة إذا كان ملتزم بقوانين البلاد.
ويقدر عدد اللبنانيين المرفوضة طلبات لجوئهم في السويد بحوالي 500 شخص، ويعانون من ظروف نفسية قاسية بسبب إصرار مصلحة الهجرة السويدية على تنفيذ قرارات الطرد الصادرة بحقهم. وكان معظمهم قد لجأ الى السويد أثناء حرب تموز 2006 وبقوا معلقين داخل البلاد مدة 14 عاماً كاملة.
ووفق الناشطة اللبنانية كارمن عبد الأحد، فإن قسما كبيرا منهم لا يستطيعون العودة لصدور أحكام قضائية غيابية بحقهم من المحكمة العسكرية في لبنان دون معرفة الاسباب، وآخرين أسسوا حياتهم ومصالحهم في السويد ويدفعون ما يتوجب عليهم من ضرائب، مضيفة أن مصلحة الهجرة لا تزال ترفض طلبات لجوئهم برغم ما يقدمونه من أدلة ووثائق تثبت حقهم في الحصول على الإقامة.
ونظم عدد من اللبنانيين وأبناء جاليات أخرى مسيرة احتجاجية انطلقت من مدينة يوتيبوري السويدية يوم الاحد الفائت، وصلت أمام مبنى البرلمان في العاصمة ستوكهولم بعد عشرين يوماً من المسير، مطالبين بمنح عفو عام لجميع المتضررين من قرارات مصلحة الهجرة.