تستمر التعقيدات السياسية في لبنان بالتوازي مع مساعي القوى المعنيّة بتأليف الحكومة من دون ظهور أي بارقة أمل توحي باقتراب عملية التشكيل. ولكن الأهم هو المؤشرات السياسية التي برزت بعد مؤتمر رئيس تكتّل "لبنان القوي" جبران باسيل، والذي ألمح من خلاله بعودة التيار بقوة الى الساحة السياسية اللبنانية بالرغم من إيحائه بعدم رغبته بالمشاركة في الحكومة.
من الواضح أن باسيل قد تعمّد رفع سقف التصعيد السياسي ضدّ الرئيس سعد الحريري وذلك في ظل استمرار الكباش الذي يبدو أن "التيار الوطني الحر" يريد تحويله الى صراع مسيحي - سُني بهدف تحقيق مكتسبات سياسية وشعبية، حيث تشير مصادر مطلعة إلى أنه على رغم سحب باسيل يده من مسألة المشاركة في الحكومة وفق عدّة اعتبارات بُني عليها هذا القرار، غير أنه في خطابه السياسي الذي افتتح به العام 2021 أظهر رغبته الجلية بالعودة الى الحياة السياسية خلافاً لما كان الحال عليه في مرحلة الحراك الشعبي العام الفائت والذي تسبّب بأضرار فادحة لباسيل وتياره.
وتضيف المصادر بأن الوزير المُستهدف من غالبية الشعب اللبناني في ملفات المحاصصة والفساد والشعارات الطائفية، ينوي بدء عام سياسي يشبه الاعوام التي سبقت انتفاضة ١٧ تشرين، أي أن يعود الى موقع القوة في الساحة الداخلية ليكون الطرف الأكثر قدرة على فرض "الڤيتوهات" الحكومية والسياسية عموما، لذلك فهو وضع خطوطا عريضة أرفقها بمظلة "الحقوق المسيحية" و"عدم العودة الى زمن الوصاية السورية"، ولعلّها العناوين التي قد تمكّن باسيل من الاستفادة من المرحلة المقبلة لجهة الاستقطاب الشعبي عموماً والمسيحي بشكل خاص.
والاهم من ذلك كله، هي رسالة باسيل الخارجية، إذ أوحى بنيّته الذهاب بعيدا في التوجه نحو اعادة العلاقات الطبيعية مع سوريا، الا انه بعث بإشارات واضحة الى "حزب الله" عن جهوزيته في أي لحظة لطرح عناوين إشكالية معه حتى في ما يخصّ السلاح، وهذا الامر ترافق مع هجوم صريح على إدارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب في محاولة لدغدغة الادارة الاميركية الجديدة، حيث انتقد بشدّة تعاطي الادارة السابقة مع الواقع الانتخابي في الولايات المتحدة الاميركية.