لم تحقق محاولات فريق رئيس الجمهورية انتزاع الثلث الضامن لتشكيل الحكومة الهدف، بل باءت سياسة حافة الهاوية بالفشل، فما كان يعرف عن الحالة العونية برفع السقوف قبيل كل استحقاق لانتزاع مكسب سياسي ارتد سلبا على العهد و تياره و لابد من التفتيش عن مخارج.
يؤكد مراقبون بأن جبران باسيل أبدى شراسة استثنائية من أجل الاطاحة بتكليف سعد الحريري، كونه يخوض معركته الأخيرة داخل السلطة عبر القبض على مصير الحكومة كضمانة لتمديد عهد عون، ولو بأشكال ملتوية منها الفراغ الرئاسي، لكن عاكست رياحه سفن حليفه "حزب الله" في مواجهة الاساطيل الغربية.
يؤكد الضالعون بأن "حزب الله" حزم امره وقرر دخول معترك إزالة المعوقات من أمام تشكيل الحكومة رغم كونه عاملا عضويا في الازمة في ظل شروط الخليج العربي إدارة الظهر على اية حكومة تضم ممثلين عن الحزب مباشرة او بشكل موارب، و هذا ما يضع الحريري على المحك، غير ان بعض المصادر تشير إلى أن "حزب الله" قد يتبع نهج الواقعية في مقاربة الوضع اللبناني وحساسيته .
هذا ما يضعف حكما حظوظ نيل فريق عون الثلث المعطل منفردا لأسباب داخلية و دوافع خارجية مهما بلغ التهديد بعناد عون وتعنته كما المح بيان مكتب رئاسة الجمهورية، علما أن سياسة إيران التاريخية هي بمنح مطلق إدارة أميركية جائزة ترضية، وهذا ما هو مرشح مع جو بايدن راهنا.
تلك الاجواء تعطي ارجحية لمنطق الحريري الذي يتماهى مع مطالب المبادرة الفرنسية بتنحي الطبقة السياسة ظرفيا وتشكيل حكومة "مهمة" لإنقاذ لبنان، وهو ما يطيح بمستقبل جبران باسيل دفعة واحدة. فقد أدرك الحريري حراجة الموقف خارجيا بعد انفجار المرفأ في 4 آب، حيث تبين فقدان الثقة بطبقة سياسية فاسدة ومجرمة لا تتوانى عن كل الموبقات من أجل السلطة، لذلك عمد الحريري إلى استغلال فترة التعطيل داخليا من اجل مواكبة أجواء الإنفراج الإقليمي والتي تصب في رؤية أميركا إيقاف الزحف الايراني ومن ضمنها طبعا لبنان.
العزلة التي تطبق على عون و تياره لا تفسح في المجال أمام باسيل تسجيل انتصارات تتناسب مع حالة النزق التي ينتهجها لكسب المزيد من المواقع داخل السلطة، فما تبقى لديه اقل من سنتين من عهد رئاسي فاشل وكتلة نيابية منتفخة جراء قانون انتخابي تم تفصيله على قياس محاصصة سياسية داخل سلطة دكت حصونها ثورة شعبية وهي آيلة للسقوط مهما بلغت حالة المكابرة ومرض الإنكار.