في البيان الذي صدر عن المكتب الإعلامي في رئاسة الجمهورية عقب لقاء الرئيس ميشال عون بالرئيس سعد الحريري، وردت عبارتان لا بدّ من التوقف عندهما.
العبارة الأولى أن اللقاء عُقد بناء على طلب الرئيس المكّلف تشكيل الحكومة. والعبارة الثانية أن الحريري لم يقدّم أي جديد في الموضوع الحكومي.
بالنسبة إلى العبارة الأولى يمكن إدراجها أولًا في خانة عدم التنازل من قبل رئيس الجمهورية، وبالتالي عدم إعتذاره عن الإساءة التي وجهها إلى الرئيس المكلف عندما إتهمه بالكذب. وإلا لما كانت هذه العبارة لترد في البيان.
ثانيًا، أن اللقاء عُقد غداة إجتماع الحريري بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على مأدبة عشاء. ويُرجّح أن يكون الرئيس الفرنسي حثّ الرئيس المكّلف على طلب موعد لزيارة القصر الجمهوري، في محاولة لكسر الجليد المتراكم بين الرئيسين.
ثالثًا، لم يرشح عن لقاء بعبدا، بعد طول غياب، ما يؤشّر إلى إمكانية عقد لقاء آخر في القريب المنظور، الأمر الذي يفسَّر بأن لقاء الرجلين جاء من قبيل رفع العتب ليس إلا، وهو جاء بناء على رغبة الرئيس الفرنسي، ولم يلقَ بالتالي معارضة من قبل الرئيس عون، الذي سبق وقال" أبواب القصر الجمهوري مفتوحة أمام الحريري ساعة يرغب بذلك، وما عليه سوى طلب موعد".
رابعًا، يمكن الإستنتاج، وهو ما يمكن عطفه على العبارة الثانية، أن هذا اللقاء قد يكون يتيمًا في المرحلة الراهنة، بإعتبار أن ظروف تشكيل الحكومة لم تنضج بعد، وأن الأمور مرهونة بأوقاتها.
أمّا بالنسبة إلى العبارة الثانية، أي أن الحريري لم يقدّم أي جديد في الموضوع الحكومي، فيمكن التوقف أولًا عند مدلولات البيان، الذي خلا من أي إشارة إلى الأجواء التي سادت اللقاء، وفيه تأكيد بأن القديم باق على قدّمه، إلا إذا كان لدى الرئيس المكّلف كلام آخر تركه لوقته، أي في ذكرى إستشهاد والده الرئيس رفيق الحريري يوم غد الأحد.
ثانيًا، لم يشر البيان إلى العقد التي لا تزال تعترض التشكيلة، ولكن بمجرد أن جاء فيه أن الحريري لم يقدّم أي جديد فهذا يعني أن العقد القديمة لا تزال من دون حلّ، وهي بالمختصر تتعلق بحجم الحكومة وبالثلث المعطّل وبوزارتي الداخلية والعدلية وبتسمية الوزراء المسيحيين من قبل رئيس الجمهورية وبوحدة المعايير.
ثالثًا، وفي خلفيات هذه العبارة أن الضوء الأخضر لم يُعطَ بعد للسير بحكومة "المهمة" وفق المبادرة الفرنسية، وأن ثمة ما وراء الأكمة ما وراءها من تعقيدات قد يكون لها إمتدادات إقليمية يُنتظر حلحلتها في ضوء زيارة ماكرون للرياض، الذي سيثير مع القادة السعوديين مسألة الحكومة اللبنانية وضرورة أن تعود السعودية إلى لعب دور ما في أي حلحلة ممكنة على الصعيد اللبناني، مع ما لها من صداقات داخلية وقدرة على تليين بعض المواقف.
وفي إعتقاد بعض الأوساط أن عودة السفير وليد بخاري إلى بيروت يأتي في سياق متكامل مع ما يمكن أن تلعبه المملكة من أدوار على أكثر من صعيد في دفع الأمور نحو خواتيم قد تكون سعيدة نسبيًا.