تتجه الأنظار الى الذكرى الأولى لانفجار المرفأ، حيث بدأت الاستعدادات تكتمل لاحياء هذا اليوم الحزين، على وقع استمرار المشاورات الحكومية ولو بعيداً عن الاضواء، بانتظار ما قد يحمله الاجتماع المرتقب يوم الاثنين المقبل بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي.
وبدا واضحاً ان منسوب التفاؤل بتأليف الحكومة سجّل تراجعاً كبيراً غداة الاجتماع الثالث بين الرجلين بعدما بدأت تظهر بوادر التعقيدات القديمة - الجديدة التي اعترضت طريق الرئيس سعد الحريري ودفعته الى الاعتذار، في حين ان البلاد تشهد مفارقات مذهلة عشية ذكرى 4 آب من ابرزها تفاعلات ملف رفع الحصانات عن جميع المسؤولين والموظفين، الأمر الذي حركته بقوة العريضة التي تستجمع "كتلة المستقبل" الموافقات عليها والمتصلة باقتراح تعليق كل النصوص القانونية والدستورية المتعلقة بالحصانات بما يرفعها تلقائياً.
اتصالات بعيدة عن الاضواء
وفي المعلومات ان الاتصالات تجري بعيداً عن الأضواء لخلطة شاملة بدءاً من عدد الوزراء إلى إعادة توزيع الحقائب السيادية، والحقائب المتعلقة بالاصلاحات، بدءاً من الكهرباء إلى الاتصالات، وسيشهد مطلع الأسبوع المقبل تزخيما أكبر لاسيما لبت نقاط تحتاج إلى تفاهم في مناخ سليم قائم على مبادىء التشكيل.
وقالت المصادر إن الملف الحكومي في الأصل قطع أشواطا لا بأس بها وإن رئيس الجمهورية والرئيس المكلف يبحثان نقطة تلو الأخرى ونفت أن يكون البحث تناول نقاطا تعد خلافية وهذا لا يعني أنه لن تكون هناك ليونة ما.
ورأت أن الجلسات بينهما ستتواصل وإن الفسحة ما قبل اجتماعهما المقبل ستعطي مجالا أمام جوجلة الملاحظات على ان الأجواء لا تزال جيدة.
ولم تنفِ مصادر متابعة لعملية تشكيل الحكومة الجديدة حصول تعثر بمسار المشاورات الجارية بين الرئيس المكلف نجيب ميقاتي ورئيس الجمهورية ميشال عون لتشكيل الحكومة الجديدة، الا انها وصفت ما يحصل بالامر المتوقع عادة، وليس مستغربا، لاسيما في الظروف المتشنجة التي يمر بها لبنان وبعد اكثر من محاولة لتشكيل الحكومة منذ قرابة العام، لم يكتب لها النجاح. واشارت المصادر إلى ان سبب تحديد الاثنين المقبل، موعدا لمواصلة البحث بالتشكيلة الوزارية، هو لاتاحة المجال لتجاوز التباينات القائمة، لاسيما منها المتعلقة بتوزيع الحقائب السيادية على الطوائف الاساسية، وبعض الحقائب الوازنة الاخرى ومنها الطاقة على وجه الخصوص. ولم تستبعد ان يعاد النظر بتوزيع الحقائب الوزارية السيادية عما هو معمول به حاليا، في حال تم التنازل عن تخصيص وزارة المال للشيعة، لافتة الى اتصالات مكثفة وجهود يتولاها رئيس المجلس النيابي نبيه بري مع حزب الله والاطراف الاخرين، لحل هذه المشكلة، الا انها لم تصل الى خواتيم سعيدة بعد. واوضحت المصادر ان اجتماع الاثنين بين عون وميقاتي، سيستكمل توزيع الوزارات السيادية والمهمة على الطوائف.
وفي هذا الاطار، لفتت "البناء" الى ان وجود مساع للوساطة ستبدأ بالظهور من طرف حزب الله والرئاسة الفرنسية لتذليل العقبات وتقريب المواقف، وقالت المصادر إن إحدى الأفكار المتداولة هي البحث عن شخصيات وازنة معنوياً لها باع سياسي ومن أصحاب الاختصاص تشارك في الحكومة، لتشكل كتلة الترجيح في الحكومة، بحيث لا تتشكل أغلبية حكومية لرئيس الحكومة ولا ثلث معطلاً لرئيس الجمهورية من دونها، وتناط بهؤلاء الوزراء الوزارات الحساسة موضوع التجاذب وتكون هذه الكتلة بتعداد ما بين ثلاثة الى أربعة وزراء متعددة طائفيا أو على الأقل موزعة بين طائفتي الرئيسين.
واستبعدت المصادر عبر "اللواء" انجاز اسقاط أسماء الوزراء المقترحين على الحقائب الوزارية، لان هذه الخطوة، ما تزال تتطلب مزيدا من التشاور بخصوصها، وتحديدا ما يتعلق بوزارتي الداخلية والعدل، مشيرة الى ان كل ما يتم تداوله من اسماء لتولي هاتين الوزارتين، انما هو من باب التكهنات حتى الآن، في حين ان امكانية اختيار احدى الشخصيات المحايدة والمشهود لها لتتولى وزارة الداخلية كحل وسط، في ضوء الخلاف الحاصل، كالوزير السابق زياد بارود، خيار ممكن.
وعلمت "اللواء" ان الرئيس ميقاتي سيقدم الاثنين الى عون على الارجح صيغة اولية للحكومة للوقوف على رأيه فيها، وهو باشر اتصالات مع القوى السياسية للوقوف على رأيها في توزيع الحقائب واختيار بعض الاسماء لها. وابدت مصادر متابعة ارتياحها للتفاهم القائم حتى الآن بين الرئيسين، لكنها قالت ان الصورة الحقيقية تتوضح يوم الاثنين وما بعده.
العقوبات الأوروبية
وعلى صعيد الضغوطات الدولية، وصفت مصادر ديبلوماسية غربية، اعلان اطار العقوبات الاوروبية في هذا الظرف بالذات، بانه يهدف الى التأكيد بأن الاتحاد الأوروبي، مستمر في ممارسة اقسى الضغوط اللازمة وخصوصا على السياسيين والاطراف التي تمعن بتعطيل تشكيل الحكومة الجديدة وتتجاهل حاجة اللبنانيين الملحة لقيام حكومة، تتولى المباشرة بحل الازمة المالية والاقتصادية التي يواجهها لبنان.
ولفتت المصادر الى ان الاعلان عن وضع اتفاق الإطار الذي يحدد العقوبات والإجراءات التي ستفرض على كل من تثبت مسؤوليته عن تعطيل تشكيل الحكومة الجديدة، مباشرة او بشكل غير مباشر، ستطاله العقوبات. الا ان المصادر المذكورة، شددت أيضا، على ان هناك رزمة من الحوافز، ستقدم الى لبنان في حال تم تأليف الحكومة العتيدة، ولم تلاق مساعي التشكيل سلسلة العراقيل التي اثيرت عمدا لتعطيل مهمة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري.
وفي هذا المجال، نقلت أوساط مطلعة على الإجراءات الأوروبية أنّ إنجاز "نظام العقوبات اللبناني" ووضع الإطار القانوني اللازم له، يشكل "الحجر الأساس" استعداداً للدخول في "مرحلة إسقاط الأسماء على قائمة المعاقبين" خلال الفترة المقبلة... إذا استمر التعطيل مستحكماً في عملية تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة.
وعليه فان هناك العشرات من السياسيين، بينهم مسؤولون بارزون، ستطالهم العقوبات المرتقبة، ولكنها توقعت ان يكون عددهم اكبر مماهو متوقع، الا انها رفضت الخوض بأسمائهم او مواقعهم التي يشغلونها حاليا. وعن كيفية تحديد هؤلاء السياسيين والمسؤولين الذين ستشملهم العقوبات، اشارت المصادر الى اكثر من وسيلة تم اعتمادها لتحديد هؤلاء بدقة متناهية، بينها من خلال تقارير السفارات المعتمده تحديدا.