برزت بقعة ضوء من بعبدا غداة اللقاء الخامس بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي، ما رفع منسوب الامل باختراق إستثنائي لكنه على ذمة التسريبات المتفائلة التي أعقبته بدا باجوائه ومداولاته افضل من الاجتماع السابق، بانتظار ما سيؤول اليه الاجتماع اليوم، والذي يعتبر مفصلياً أيضاً خصوصاً وانه يتضمن البحث في توزيع الحقائب غير السيادية قبل البدء في اسقاط الاسماء عليها.
اجتماع خامس ايجابي
اذا، لاحظت مصادر متابعة لملف تشكيل الحكومة لـ"اللواء"، تراجعا في الاجواء التصادمية التي عكست نتائج اللقاء السابق بين الرئيس عون والرئيس ميقاتي، واستبدالها بتعميم اجواء اكثر ملاءمة من السابق وان كانت لا ترقى الى مستوى تحقيق اختراق جدي في عملية التشكيل بعد، ولكنها اعربت عن أملها بانها اذا استمرت على الوتيرة نفسها بالايام المقبلة، قد تؤدي الى ولادة الحكومة الجديدة. وفي اعتقاد المصادر نفسها، ان ما تسبب في تنفيس اجواء الاحتقان التي سادت اللقاء السابق بين الرئيسين.
وأشارت المعلومات لـ"النهار" في هذا الاطار، الى أنه سجّل في اجتماع امس تقدم بصيغة توزيع الحقائب غير السيادية على نحو قد يكون له انعكاسات ايجابية على توزيع الحقائب السيادية .
وأكدت مصادر مواكبة لعملية التأليف لـ «اللواء» أن هناك ارتياحا أبداه رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف في لقائهما الخامس وقد بدا هذا الارتياح أفضل من أي وقت مضى وإنهما تفاهما على صيغة توزيع أكثر ملاءمة من السابق وكشفت عن حصول تقدم في صيغة توزيع الحقائب الأساسية على نحو يمكن أن يرتد ايجابا على الحقائب السيادية ولكن ما من تفاصيل وهذه المسألة ستشكل موضع بحث خلال الساعات الأربع والعشرين المقبلة ويستكمل البحث في ما تبقى من نقاط قليلة. ولذلك كان التوافق على قيام الاجتماع بينهما اليوم ولعل ذلك يعد مؤشرا إلى تجاوز بعض العقبات والإسراع في الوصول إلى نتيجة مريحة.
وعلم ان اتصالات ستجرى خلال الـ٢٤ساعة المقبلة الفاصلة عن اجتماع اليوم الجمعة للبحث بصيغة تسوية حول الحقائب السيادية وسط اجماع سياسي على ضرورة الاسراع في تذليل العقبات الحكومية. وصيغة التسوية المطروحة والتي لم تحسم بعد هي بإبقاء الحقائب السيادية على توزيعها الطائفي الحالي على ان يكون اختيار اسماء المرشحين لها بالتفاهم بمن فيهم وزير المال المفترض الا يكون على ارتباط بمصرف لبنان وان يكون قادراً على اجراء التدقيق الجنائي المطلوب داخلياً ومن المجتمع الدولي كأحد أبرز الاصلاحات .
وعلمت "الأخبار" أن رئيس مجلس النواب نبيه بري أبلغ رئيس الجمهورية استعداده التخلي عن حقيبة المالية في مقابل حصوله على "الداخلية".
ومن هنا، أشارت المصادر لـ"نداء الوطن" تعتبر المصادر أن عون لا يمكن أن يحصل على المالية والعدلية والداخلية. إذا أخذ المالية فبأي حقيبة أخرى سيطالب؟ وتضيف المصادر أنه إذا كان يناور ليأخذ العدلية والداخلية مقابل بقاء المالية مع الثنائي الشيعي، فهذا يعني أن الهدف قد يكون متعلقاً بالتأثير على مجرى الإنتخابات النيابية نظراً للواقع الشعبي المتداعي الذي يعيشه "التيار الوطني الحر"، ونظراً لكون من تجمّعوا حول الرئيس في انتخابات أيار 2018 سينفضّون تباعاً من حوله قبل نهاية عهده. وهذا يعني أنه سيخسر كتلة العهد القوي بعد خسارة جزء من "كتلة التيار". ومهما يكن، فإنه لن يستطيع أن يأخذ الداخلية والعدلية وكل الطروحات التي تحكي عن أن يكون وزير الداخلية سنياً ويسمّيه عون ويوافق عليه ميقاتي، مقابل أن يسمّي ميقاتي وزير عدل مسيحياً ويوافق عليه عون، لا يتعدّى الكلام الذي تمحوه التجارب والأيام لتبقى عملية التأليف واقفة عند نقطة الصفر.
على رغم كل ذلك يبقى ميقاتي متمسكاً بمتابعة عملية التأليف. هو يريد بحسب مصادر قريبة منه أن يستفيد قدر الإمكان من الدفع الدولي في اتجاه تأليف الحكومة مراهناً على أن هذا الدفع، الذي تجلى في مؤتمر باريس قبل يومين وفي موقف الإدارة الأميركية أمس، وفي كلام البابا فرنسيس وفي وعود صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، فرصة لا يجب أن تضيع على لبنان. أكثر من ذلك فقد ذكّرت هذه المصادر بقول ميقاتي إنه سيتدخل شخصياً في كل القرارات المالية والتي تتعلق بالخيارات الأساسية التي تدخل ضمن عملية الإنقاذ المطلوبة وتحت سقف شروط المساعدات الدولية. وهو بذلك يؤكد أنه وأياً تكن هوية من يتولى هذه الحقائب فإن عمله سيكون تحت هذا السقف. هناك إنسجام مطلوب مع السياسة الدولية الرامية إلى مساعدة لبنان على إنقاذ نفسه ولا يمكن تحقيق أي نجاح خارج هذا السياق. وهو لذلك يعتبر أن التركيز يمكن أن يكون أكبر على حقيبة الطاقة مثلاً وعلى حقائب الخدمات ويفضل أن تكون بيد اختصاصيين. وتسجل المصادر القريبة منه أنه لا يلاحظ أن عون لا يزال متسمكاً بها. وتضيف أن الرئيس ميقاتي يضع أمامه هدفين رئيسيين: المساعدات الدولية وتأمين الحصول عليها واستثمارها في سبيل الإنقاذ، والإنتخابات النيابية حتى تكون مقدمة لعملية التغيير الإيجابية التي يمكن أن تحصل في السياق ذاته، وهي باتت أيضاً كما الحكومة مطلباً دولياً. ولكن في النهاية تقول هذه المصادر إنه لا يمكن العبور إلى عملية التأليف إلا بعد موافقة الرئيس عون وتوقيعه.