برزت الزيارةُ اللافتة التي قام بها امس رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى دار الفتوى، علما ان اوساطا سنية اعتبرتها زيارة متأخرّة تأتي للتغطية على المسؤولية الكبيرة التي يتحملها العهد وتياره وصهره في افتعال القيود والضغوط والعراقيل التي دأبوا على زجها في طريق الرئيس الحريري ومنعه من تاليف الحكومة، وفق ما كتبت"النهار".
وكتبت" الديار":لعل ابرز اسباب انتقال رئيس الجمهورية صباح امس من قصر بعبدا الى دار الفتوى في عائشة بكار في بيروت هو الارتدادات الناشئة عن اعتزال الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل العمل السياسي والنيابي حتى اشعار آخر على الساحة الوطنية عموما والسنية بوجه خاص.
وعلى الرغم من برودة العلاقة بين بعبدا ودار الفتوى، قرر الرئيس عون ان يقدم على هذه الخطوة تحت عناوين متعددة لخّصها في تصريحه بعد لقائه المفتي دريان، فأكد، كما عبر له في اللقاء أيضاً «على الدور الذي تلعبه الطائفة السنية في المحافظة على وحدة لبنان وتنوعه السياسي، وأهمية المشاركة مع سائر مكونات لبنان في الحياة السياسية والوطنية والاستحقاقات التي ترسم مستقبل لبنان وابنائه».
وشدد ايضاً على أن «لبنان اليوم اكثر من اي وقت مضى بحاجة الى تعاضد ابنائه والتفافهم حول دولتهم والمؤسسات الدستورية كافة».
وجدد التأكيد على حصول الانتخابات في موعدها، مؤكداً «ان الطائفة السنية مكون أساسي، ولا نؤيد أبداً مقاطعتها للانتخابات».
وعلمت «الديار» من مصادر قصر بعبدا «أن أجواء اللقاء بين الرئيس عون والمفتي دريان كانت جيدة وايجابية، وان مفتي الجمهورية كان ودياً خلال حديثه وترحيبه بمبادرة رئيس الجمهورية وزيارته لدار الفتوى».
وقالت المصادر ان هدف الزيارة لخصها الرئيس عون في تصريحه، مشيرة الى ان رئيس الجمهورية بعدما اطلع على الاجواء الاخيرة والحديث عن مقاطعة سنية للانتخابات النيابية بعد خطوة الرئيس سعد الحريري، أراد بالدرجة الأولى الوقوف على موقف الطائفة السنية الكريمة والاستماع لسماحة مفتي الجمهورية بكل هذا الشأن.
وأضافت المصادر ان الرئيس عون شدد على أهمية دور الطائفة السنية في الحياة الوطنية والسياسية، ووجوب مشاركتها في كل الاستحقاقات بما في ذلك الانتخابات النيابية، مشيرة الى ان زيارته لدار الفتوى يمكن القول ايضاً انها تندرج في اطار التضامن في هذه المرحلة الدقيقة.
ولمس من مفتي الجمهورية جوا ودياً وايجابياً قبل ان ينتقل الحديث الى الوضع الاقتصادي الضاغط وتداعياته على الوضع الاجتماعي والمعيشي، والسبل الآيلة للخروج من هذه المحنة.
وبادر المفتي دريان الى سؤال الرئيس عون عن الموقف اللبناني من موضوع العلاقات مع الدول العربية الشقيقة بصورة عامة ودول الخليج بصورة خاصة، مستوضحاً عناصر الرد اللبناني الرسمي على الورقة التي حملها وزير الخارجية الكويتي.
مصادر سياسة مقرّبة من دار الفتوى رأت في اتصال مع "الأنباء" الإلكترونية ان زيارة عون الى دار الفتوى "تأخرت أكثر من خمس سنوات، وما بينهما من مساحات الجفاء الذي تُرجم في المواقف المعلنة وغير المعلنة لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي انحاز بالكامل الى جانب حزب الله، وهو من سنوات لم يترك للصلح مكان في خلافه مع الرئيس الحريري".
وقالت المصادر: "اذا كان الهدف من زيارة عون إقناع السنّة بالمشاركة في الانتخابات فإن السنّة في لبنان يشكّلون أكبر مكوّن وطني، وهم لم يتخلوا عن دورهم كمكوّن أساس في لبنان، ولم يُسجَّل عليهم مقاطعة الانتخابات في تاريخهم منذ اغتيال رياض الصلح ورفيق الحريري، وحتى بعد عزوف الرئيس سعد الحريري، أما اذا كانت الزيارة لتعويم باسيل فهذا لن يحصل على الإطلاق".
عضو كتلة المستقبل النائب وليد البعريني أعرب في اتصال مع "الانباء" الالكترونية عن استهجانه لزيارة عون الى دار الفتوى، وكيف تذكر ان هناك مرجعية سنّية اسمها المفتي دريان، مؤكداً ان "أبواب دار الفتوى مشرّعة للقاصي والداني، فهل يعقل الا يزورها رئيس الجمهورية الا بعد اعتزال الحريري العمل السياسي؟"