هل عاد تنظيم "داعش" إلى بيروت؟! لعلّه السؤال الأكبر الذي طُرِح في الساعات الماضية، عقب إعلان وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي عن إنجاز "نوعي" حقّقه شعبة المعلومات في قوى الأمن، في عزّ "الحملة" على المديرية، وحمت من خلاله لبنان من "مجزرة" كانت لتوقع الكثير من الضحايا لو وقعت، لا سمح الله.
ففي مؤتمر صحافي عقده أمس، أعلن مولوي عن إحباط شعبة المعلومات هجومًا انتحاريًا كان يُعِدّ له تنظيم "داعش" في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت، على أن يستهدف ثلاثة مواقع لتجمعات مدنية في وقت واحد، كاشفًا عن توقيف مجموعة تكفيرية فلسطينية مرتبطة بالتنظيم المتطرّف، كانت تجنّد شباباً للقيام بتفجيرات على الأراضي اللبنانية.
وفيما نوّه وزير الداخلية، وتبعه معظم المسؤولين، بالإنجاز "النوعي" الذي حقّقته شعبة المعلومات، كرّت سبحة الأسئلة وعلامات الاستفهام عمّا إذا كان ما حصل مؤشّرًا إلى عودة "داعش" إلى الساحة اللبنانية، ودلالات ذلك، فضلاً عن "السيناريوهات" التي يمكن أن يفضي إليها، إضافة إلى التوقيت "الملتبس" قبل ثلاثة أشهر من الانتخابات النيابية.
سيناريو "كارثي"
لا شكّ أنّ الإنجاز الذي حققته شعبة المعلومات "بطولي"، فمجرّد التفكير بحصول هذه التفجيرات التي كان يُخطَّط إليها، يقود تلقائيًا إلى تخيّل سيناريوهات "كارثية ودراماتيكية" كان يمكن أن تقع على الأرض، وكان يمكن أن تفضي بالتالي إلى سيناريوهات أكثر "سوداوية" على الواقع السياسي، ولا سيما أنّ القاصي والداني يدرك أنّ "زرع بذور الفتنة" لطالما كان ويبقى أحد الأهداف الأساسية لـ"الإرهاب" في لبنان، فكيف بالحري في ظلّ الانقسام الحاليّ.
لكن، أبعد من "التنويه" بالإنجاز، أثار الكشف عن المخطط "الداعشي الجهنمي" القلق، بل الهواجس، من احتمال عودة التنظيم، عبر خلاياه "النائمة" ربما، لممارسة نشاط ما في لبنان في المرحلة المقبلة، ولو أنّ التحليل الأولي لما حصل ربط العملية المفترضة برغبة التنظيم بـ"الثأر لدماء الخليفة" لدماء الخليفة أبو ابراهيم القرشي الذي قُتِل خلال عملية نفذتها القوات الأميركية الخاصة في شمال غرب سوريا، مطلع الشهر الجاري.
وهناك مَن وضع العملية التي كان يخطط لها التنظيم أيضًا في سياق الاشتباكات التي خاضها تنظيم "داعش" في الحسكة قبل أسابيع إثر عملية فرار كبيرة لقياداته من سجن الصناعة الخاضع لسيطرة الأكراد، والتي لم تكن نهايتها لصالحه، كما ربطها آخرون بالأخبار المتواترة في الآونة الأخيرة عن "جذب" التنظيم لعشرات اللبنانيين إلى صفوفه، في العراق تحديدًا، مقابل رواتب "مغرية" وفق الروايات المتداولة إعلاميًا.
الانتخابات في "خطر"؟
بعيدًا عن المخاوف والقلق، ثمّة عامل "مُطمئِن" في "إنجاز" شعبة المعلومات، يتمثّل في التأكيد على "جهوزية" الأجهزة الأمنية، التي أثبتت مرّة أخرى قدرتها على التفوّق في "الحرب الاستباقية" مع الإرهاب، علمًا أنّ الظروف الحاليّة، وخصوصًا بعد إنجاز اليوم، ستفرض بطبيعة الحال "استنفارًا وتأهّبًا" عاليَين على المستوى الأمني، لتفادي أيّ "سيناريوهات" قد تجرّ لبنان إلى "مجهول" هو بغنى عنه.
رغم كلّ ما تقدّم، ثمّة من "ربط" الإنجاز الأمني النوعيّ بموعد الانتخابات النيابية المقبلة، خصوصًا أنّ روايات كثيرة تمّ تداولها في الآونة الأخيرة عن "تدهور أمني" قد يسبق الاستحقاق، ما يؤدّي إلى خلق "المَخرَج المناسِب" لـ"تطييره"، ما دفع كثيرين للتساؤل عمّ إذا كانت الانتخابات قد أصبحت "في خطر"، نتيجة التطور الأمني المستجد، بل إنّ البعض ذهب لوضع الإنجاز برمّته في سياق "سيناريو مُعَدّ" لإلغاء الاستحقاق أو تأجيله.
لكنّ وزير الداخلية "تعمّد" في المؤتمر الصحافي نفسه الذي أعلن فيه عن "الإنجاز"، دحض هذه الفرضيات سلفًا، بل ذهب إلى حدّ "الالتزام شخصيًا" بإجراء الانتخابات في موعدها، علمًا أنّ هناك من يعتبر أنّ مسألة تأجيل الانتخابات أصبحت أكثر "تعقيدًا" من السابق، خصوصًا في ظلّ الحراك الدولي لإجراء الانتخابات، وإعلان الاتحاد الأوروبي عن "خطته" لمراقبة العملية، ولو أنّ هناك من لا يزال "يراهن" عليها، وقد يجد في البوابة الأمنية تحديدًا "الحلّ الأمثل".
نجحت قوى الأمن الداخلي في المهمّة مرّة أخرى، فضربت "الإرهاب" ولم تسمح له بـ"التسلّل"، وإحداث "المجزرة" التي كان يخطّط لها. لكنّ القصّة لا تنتهي هنا، بل تشرع الباب أمام سلسلة من علامات الاستفهام، فماذا لو لم تكن العملية "يتيمة"، وأراد "داعش" العودة إلى لبنان، مستغلاً واقع "الانهيار"؟ كيف سيواجه اللبنانيون أساسًا مثل هذه "السيناريوهات"، وهم منقسمون على نفسهم؟