تتجه الانظار الى يوم الاربعاء المقبل موعد جلسة مناقشة واقرار الموازنة التي تمتد على يومين في ظل اجواء ضبابية حول ثلاثة مفاصل مهمة لم تتوصل لجنة المال الى حسمها بسبب الاختلافات حولها وغياب الارقام الدقيقة، وهي تحديد الدولار الجمركي، ورواتب موظفي القطاع العام المدنيين والعسكريين، والمواد التي لا تخضع للدولار الجمركي.
ورغم ذلك، فان المجلس يتجه الى اقرار الموازنة بعد حسم هذه النقاط، لانه لا يجوز الاســتمرار في ترف تضييع الوقت من دون اقرار موازنة تحدث شيئا من الصدمة الايجابية وتنهي الصرف على القاعدة الاثني عشرية وتدخل اموالا اضافية الى الخزينة في ظل الانهيار المستمر، على حد مصدر نيابي بارز ل" الديار": .
وتبرز اهمية جلسة الموازنة في انها، كما يعبر المصدر، ستفتح افاق ملامح المرحلة المقبلة خصوصا بالنسبة للتعاطي مع الاستحقاقات المقبلة، وفي مقدمها الاستحقاق الرئاسي.
وتوقع المصدر ان يدعو الرئيس بري، في وقت لاحق بعد جلسة اقرار الموازنة وبعد اتصالات ومشاورات يجريها في غير اتجاه، الى جلسة انتخاب رئيس الجمهورية يحدد موعدها وفقا للاجواء التي تتجمع لديه والتزاما بالنصوص الدستورية التي تحكم هذا الاستحقاق.
واوضح المصدر ان موعد الجلسة يعود تحديده لرئيس المجلس الذي يحرص كما فعل سابقا على الالتزام بالاصول الدستورية.
اما في اجواء وتفاصيل جلسة الموازنة فقد توقعت مصادر نيابية ان تكون حامية، وانها ستشهد نقاشات طويلة حول ثلاثة امور هي:
1- الدولار الجمركي، وما يستتبع ذلك من امور تتعلق بالتداعيات المعيشية لرفعه، بالاضافة الى ارقام الايرادات المقدرة وفقا لسعر الدولار الجمركي الذي ستقره الهيئة العامة.
2- قضية رواتب القطاع العام ونسبة زيادتها.
3- حسم جدول المواد التي لن تكون مشمولة بالدولار الجمركي الجديد، خصوصا المواد الغذائية والضرورية.
وتوقع مصدر نيابي ان تكون الجلسة حامية، خصوصا ان الاجواء السياسية الساخنة ستكون حاضرة تحت قبة البرلمان. لكنه اضاف ان الجلسة ستصل الى خواتيمها وسيقر المجلس الموازنة بالاغلبية.
ويشير مسؤول اقتصادي تواصلت معه "الشرق الأوسط" إلى أن طريق استعادة التوازن المالي طويل وشاق، وهو واقعياً مرهون بإنضاج خطة إنقاذ نهائية تحظى بتوافق المكونات السياسية والاقتصادية والمجتمعية، إنما يمكن استعادة الانتظام القانوني عبر إقرار الموازنة، مع التنويه إلى أسبقية حسم تحديد سعر صرف العملة الوطنية في تقديرات إنفاق الموارد التي سيتضمنها مشروع قانون الموازنة بصيغته النهائية التي سيقرها مجلس النواب.
ويشير إلى أنه بموجب الاقتراح الذي سيجري اعتماده لسعري الليرة والدولار الجمركي، ستتبين مدى قدرة الاقتصاد المنهك بمعظم قطاعاته ومؤسساته على التفاعل مع التعديلات الجوهرية التي ستطرأ على منظومة الضرائب والرسوم الجديدة، علماً بأنه يتعذر تماماً التطابق مع سعر الدولار الواقعي الذي يتعدى حالياً عتبة 35 ألف ليرة، فيما يرجح اعتماد سعر متدرج لدولار الاستيراد (الجمركي) انطلاقاً من 12 أو14 ألف ليرة.
وإذ يؤمل أن يفتح إقرار مشروع قانون الموازنة الأبواب الموصدة أمام حزمة الشروط العالقة التي وردت بمثابة التزامات حكومية ومحددة المهل الزمنية في الاتفاق الأولي الذي تم إبرامه مع بعثة الصندوق أوائل نيسان الماضي، فإن الشكوك تبقى مرتفعة في الأوساط الاقتصادية والمالية، ربطاً بملاحظات جوهرية أوردتها المؤسسة الدولية بشأن قانون السرية المصرفية الذي رده رئيس الجمهورية إلى مجلس النواب، وبالعراقيل المتزايدة التي تحول دون إقرار وضع ضوابط استثنائية على التحويلات والرساميل (كابيتال كونترول)، والتمادي بتأخير إعداد الصيغة النهائية لإعادة هيكلة القطاع المصرفي، فضلاً عن انتظار نتائج التدقيق بميزانية البنك المركزي، بالإضافة إلى شروط أخرى تتعلق بإنتاجية القطاع العام وضبط الحدود.
رئاسياً، تتصاعد بشكل ملموس الاستعدادات لفتح ملفات الترشيحات الرئاسية بدءاً بتحركات القوى المعارِضة والنواب التغييريين إذ علم في هذا السياق أن النواب التغييريين الـ13 سيباشرون من الاثنين المقبل جولتهم على القوى السياسية للتباحث في المبادرة الرئاسية التي أطلقوها السبت الماضي، وفي هذا الإطار، كُشف عن لقاء سيجمع الأسبوع المقبل رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع بنواب التغيير الـ13، وعن آخَر سيجمعهم برئيس الكتائب النائب سامي الجميل أيضاً.
ووسط معالم التقارب الحاصل بين "القوات اللبنانية " وحزب "الكتائب"، أعلن أمس عضو كتلة "الكتائب" النائب سليم الصايغ "أننا لا نريد النهج الذي سيطر على لبنان منذ 6 سنوات أن يتجدد. لا نريد رئيساً ينتمي إلى 8 آذار. لا نريد رئيساً يلبس قناع الطوباوية ويلعب دور ربط النزاع، نريد رئيس مواجهة. نحن اليوم لا نستطيع السير بفكرة ترك موضوع السلاح جانباً، ووضع رؤوسنا كالنعامة في الوحل ونبحث في المواضيع الاقتصادية والمواضيع الأخرى فالحدود فلتانة، وهناك تهريب وانعدام ثقة مع البلدان العربية".
وكان جعجع أكّد أنّ "القوات" لا يريد فراغاً رئاسياً، بل أنّ رئيس "التّيّار الوطنيّ الحرّ" جبران باسيل لا يريد السّير بأي رئيس سواه، و"حزب الله" لا يريد خسارة باسيل، لكنه لا يريده رئيساً، لذلك فإنّ الحزب عالق في الأحجية، لأنّه لا يريد التّخلّي عن باسيل كي لا يخسر الغطاء الذي يؤمّنه "التّيّار الوطني الحرّ" له.