Advertisement

مقالات لبنان24

رسائل أميركيّة مبطّنة إلى الرياض.. بنكهةٍ ليبيّة!

جمال دملج

|
Lebanon 24
23-05-2016 | 02:23
A-
A+
Doc-P-156656-6367053903314825451280x960.jpg
Doc-P-156656-6367053903314825451280x960.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
ما أن تمّ الإعلان عن موافقة الجماهيريّة الليبيّة عام 2003 على دفع تعويضات بقيمة مليارين وسبعمئة مليون دولار لعائلات ضحايا حادثة إسقاط طائرة الـ "بان أميركان" فوق بلدة لوكربي في سكوتلاندا عام 1988، حتّى سارع وزير الخارجيّة الليبيّ وقتذاك عبد الرحمن شلقم إلى إطلاق موقف مفاده أنّ تلك الموافقة لا تعني بالضرورة اعترافًا بأنّ بلاده تتحمّل مسؤوليّة التسبّب بالحادثة التي أودت بحياة مئتين وسبعين ضحيّة، وأنّ الغاية الأساسيّة من دفع التعويضات، تتمثّل في "شراء السلام" عن طريق إغلاق ملفّ القضيّة نهائيًّا، بما من شأنه أن يؤدّي حتمًا إلى رفع العقوبات الدوليّة المفروضة على ليبيا منذ عام 1992، وبالتالي إلى "فتح صفحة جديدة من العلاقات مع أميركا والغرب". هذا الموقف الذي تقاطع بالطبع مع ما أورده عميل المخابرات العسكريّة الأميركيّة ليستر كولمان في كتابه الصادر عام 1994 تحت عنوان "في قبضة الأخطبوط"، سواء من جهة "الدور المشبوه الذي لعبه تاجر السلاح السوريّ منذر الكسّار" في حادثة لوكربي أم من جهة "التقصير الاستخباراتيّ الأميركيّ الفاضح" الذي أدّى إلى التسبّب بها، لم يأخذ خلال تلك المرحلة ما يستحقّه من اهتمام، وذلك لأسباب عديدة أهمّها أنّ "طبخة التعويضات" التي بلغت حصّة كلّ عائلة من عائلات الضحايا منها عشرة ملايين دولار، كانت قد استوت على نار هادئة حينذاك، ووفقًا لجدول زمنيّ محدّد، نظرًا لأنّ الاتّفاق الذي أبرمته طرابلس مع بريطانيا والولايات المتّحدة بهذا الخصوص، نصّ على أن تدفع ليبيا أربعة ملايين دولار بشكل مبدئيّ لكلّ أسرة بمجرّد رفع العقوبات الدوليّة المفروضة عليها، ويلي ذلك دفعة أخرى بالقيمة نفسها عندما تُسقط الولايات المتّحدة عقوباتها ضدّ طرابلس الغرب، ومن ثمّ دفعة أخيرة قدرها مليوني دولار لكلّ أسرة عندما تزيل واشنطن اسم ليبيا من قائمة الدول الراعية للإرهاب. علاوة على ذلك، فإنّ ليستر كولمان الذي يملك كافّة مفاتيح القضيّة كان قد فرّ في مطلع التسعينيّات إلى السويد وحصل على حقّ اللجوء السياسيّ فيها، وذلك بعد أن باع ما بحوزته من معلومات إلى شركة "بان أميركان"، وتحديدًا بينما كانت الإدارة الأميركيّة تحاول التنصّل من تحمّل مسؤوليّة دفع التعويضات عن طريق إلقاء اللوم على نظام السلامة الأمنيّ لدى الشركة، وقبل أن توضَع هذه المعلومات على الرفّ في أعقاب اكتمال كافّة عناصر توجيه الاتّهام إلى ليبيا. أمّا منذر الكسّار، فقد ظلّ خلال تلك الفترة يعاني من أزمات توقيفه ومحاكمته بقضايا مختلفة، تارّة عام 1995 بتهمة إمداد المجموعات الفلسطينيّة التي اختطفت سفينة الركّاب الإيطاليّة "آكيلي لاورو" عام 1985 بأسلحة هجوميّة، وتارّة عام 2004 بتهم تتعلّق بمبيعات أسلحة أرجنتينيّة إلى الإكوادور وكرواتيا، قبل أن يتمّ توقيفه في إسبانيا عام 2006 ويُسلَّم إلى الولايات المتّحدة عام 2009، حيث حكم عليه بالسجن لمدّة ثلاثين عامًا إثر إدانته بالضلوع في "مؤامرة تهدف إلى قتل أميركيّين في كولومبيا" عن طريق بيع أسلحة بملايين الدولارات للقوّات المسلّحة الثوريّة الكولومبيّة (فارك). وإذا كان ما تقدّم كافيًا بالتأكيد لتسليط الضوء على نوعيّة الحيل التي درجت العادة على أن تستخدمها الولايات المتّحدة في أوقات الشدّة، فإنّ ظهور مدير وكالة المخابرات المركزيّة الأميركيّة جون برينان في مطلع الشهر الحاليّ في مقابلة مع محطّة "إن بي سي" بمناسبة الذكرى الخامسة لاغتيال أسامة بن لادن لا يخرج عن إطار تلك الحيل، ولا سيّما أنّه قال في المقابلة "إنّ نشر تقرير كامل عن هجمات الحادي عشر من سبتمبر يمكن أن يُلحق الضرر بالعلاقات بين الولايات المتّحدة والمملكة العربيّة السعوديّة"، قبل أن يضيف قائلًا بطريقة ماكرة: "ولكنّ اللجنة المعنيّة فحصت جميع البيانات، وتوصّلت إلى استنتاج قاطع بأنّه ليست هناك أدلّة على أنّ الحكومة السعوديّة أو ممثّليها الرسميّين قدّموا مساعدات ماليّة لتنظيم القاعدة". ولعلّ الأسئلة التي تطرح نفسها على إيقاع هذا المكر الواضح هي: إذا كان ما قاله برينان عن عدم وجود أيّ أدلّة على تقديم الحكومة السعوديّة أو ممثّليها أيّ أموال للمتورّطين في "هجمات سبتمبر" صحيحًا ومؤكّدًا، فلماذا تحدّث في فقرة سابقة على أنّ نشر هذا التقرير كاملًا يمكن أن يلحق ضررًا بالعلاقات السعوديّة – الأميركيّة؟ وعلى أيّ أساس صوّت مجلس الشيوخ يوم الثلاثاء الماضي بغالبيّة ساحقة على مشروع القانون الذي يسمح لعائلات ضحايا الهجمات بمقاضاة السعوديّة في المحاكم الفيديراليّة الأميركيّة؟ وهل المقصود من وراء تبادل الأدوار بين السي آي إيه ومجلس الشيوخ هو التلاعب بالكلمات والأعصاب؟ صحيح أنّ الرئيس باراك أوباما وعد بأنّه سيبذل قصارى جهده للحيلولة دون إقرار مشروع القانون، ولكنّ ذلك لا يُلغي بالطبع إمكانيّة إقراره من قِبل الإدارة الأميركيّة المقبلة بغضّ النظر عمّا إذا كان سقُدِّر لها أن تكون ديمقراطيّة أو جمهوريّة... وأغلب الظنّ أنّ الرياض ستبقى حتّى ذلك الحين عنوانًا دائمًا لرسائل أميركيّة مبطّنة، الأمر الذي يفرض عليها ضرورة اختيار الهامش الأمثل للمناورة! وهنا تبرز أهميّة التقارب مع روسيا دون أدنى شكّ. (جمال دملج - كاتب متخصّص في الشؤون الروسيّة)
Advertisement
مواضيع ذات صلة
تابع

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك