من البنود الأساسية التي أجمع الضامنون الثلاثة لاتفاق وقف إطلاق النار في سورية (تركيا، روسيا، إيران) خلال محادثات استانة العام 2017، تجنيب شمال سوريا وجنوبها أية عمليات عسكرية. لن يقدم النظام السوري على مهاجمة درعا من دون موافقة روسية، فاستقدام تعزيزاته العسكرية إلى مناطق سيطرته يأتي في سياق التهديد بشن عملية عسكرية إذا لم تخرج القوات المعارضة الموالية في غالبيتها لإسرائيل من محافظة درعا.
ولا ريب أن أمر تحرير درعا من المجموعات المسلحة أمر بالغ الاهمية للدولة السورية التي تبدي جاهزية بدعم من حلفائها وغطاء جوي روسي لتحقيق ذلك، تقول مصادر سورية لـ"لبنان24"، بعدما استطاعت تحرير أكثر من منطقة.
بيد أن موسكو التي لا تزال تسعى إلى إنجاز التفاوض تجاه الجنوب السوري الذي يضم محافظات درعا والقنيطرة والسويداء بعثت برسالة إلى تل ابيب مفادها أنَّ فرض الشروط لن يجدي نفعاً، بشنها غارات مكثفة على عدة في ريف درعا الشرقي، لأول مرة منذ وقف إطلاق النار في الجنوب السوري منذ عام.
ولقد جرت محاولة للتفاهم الروسي – الأردني - الأميركي حول ضرورة خروج القوى المسلحة كافة الموجودة في هذه المنطقة وتجنّب التصعيد في منطقة "خفض التوتر" في الجنوب، إلا أنّها لم تثمر عن نتائج حتى الآن.
وقطعت الاتصالات شوطا كبيراً لإخراج القوات الإيرانية من الجنوب السوري لتطمين إسرائيل، لكن الأمور عادت لتتجمد مع لجوء تل أبيب إلى رفع سقف مطالبها بإبعاد حزب الله وإيران بالكامل عن الأراضي السورية، فمنظومة الدفاع الجوي السورية لا تثير بحسب وزير الدفاع الإسرائيلي أي قلق في كيانه، علما أن المطلب الإسرائيلي كان مقتصراً على المنطقة الجنوبية لسورية، كي تكون تلك القوات بعيدة عن الحدود السورية مع فلسطين المُحتلة والمحادثة الهاتفية بين رئيس حكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين تطرقت إلى ترتيب محتمل لمنع أي وجود إيراني في الجنوب على مسافة لا تقل عن 70 إلى 80 كيلومتراً من الحدود، علماً أن موسكو أرادت من المفاوضات الوصول الى حل يستطيع الإسرائيلي التعايش معه جرياً على ما كانت عليه الامور قبل العام 2011 بتسليم السيطرة على منطقة تخفيض التصعيد الجنوبية إلى الحكومة السورية والشرطة العسكرية الروسية.
ولم يعقد اجتماع عمان حتى الساعة بسبب السياسة الإسرائيلية التي تريد فرض قراراتها. لكن ذلك لن يقف عائقاً أمام جهود الأردن لإيجاد حل بعيداً عن الحرب التي ستكبد المملكة خسائر كبيرة جراء حركة النزوح نحو أراضيها.
وتأسيساً على ما تقدم، تجزم المصادر السورية نفسها أن الحل في درعا لن يكون عسكرياً على الإطلاق، فصفارة المعركة العسكرية لن تنطلق. فالأردن على وجه التحديد سيدفع، وفق معطيات مؤكدة، تجاه حل هذه الأزمة من خلال تسوية سياسية وسلمية. والملك الاردني عبد الله الثاني يجري اتصالات مع الولايات المتحدة وروسيا لضمان "عدم تفجر القتال" جنوباً، وضرورة التزام اتفاق خفض التصعيد. وربما تكون التحركات الجوية اليوم بإطلاق إسرائيل صاروخ باتريوت على طائرة دون طيار قادمة من سوريا ولم يصبها، مقدمة للخروج بتسوية جنوبية.
ما ينطبق على درعا ينطبق على ادلب فالرئيس التركي رجب طيب اردوغان سيسعى جاهداً مع القيصر الروسي لتفادي ما هو أعظم في محافظة إدلب التي تعد مركز نزوح للآلاف الذين قدموا إليها من مناطق سورية عدة لا سيما أن أي تدهور للأوضاع سيفتج الباب أمام موجات نزوح كبيرة تجاه تركيا.