شهدت جمهورية التشيلي، منذ إعلان استقلالها عن إسبانيا، العديد من الزلازل المدمرة التي أسفرت عن سقوط أعداد كبيرة من الضحايا، فعام 1868 كانت الأخيرة على موعد مع زلزال أريكا (Arica)، والذي تراوحت شدته بين 8.5 و9.3 درجة على مقياس ريختر، الذي أودى بحياة 25 ألف شخص.
وبالقرن الماضي، شهدت البلاد عام 1939 زلزالا آخر عرف بزلزال شيلان (Chillán) بلغت شدته 8.3 درجة على مقياس ريختر وأسفر عن مقتل ما لا يقل عن 28 ألف مواطن.
وبالعام 1960، سجلت جمهورية التشيلي أعنف زلزال، من حيث الشدة، منذ ظهور وبداية اعتماد علم الزلازل، وعلى الرغم من حدوثه قبالة سواحلها، كبّد هذا الزلزال التشيلي خسائر فادحة، ففي حدود الساعة الثالثة وإحدى عشر دقيقة مساء يوم 22 أيار 1960، اهتزت التشيلي على وقع زلزال تراوحت شدته ما بين 9.4 و9.6 درجة على مقياس ريختر.
وعلى حسب خبراء الزلازل، ضرب هذا الزلزال، الذي لقب بزلزال فالديفيا (Valdivia) نسبة للمدينة التي تواجدت قبالة مركزه، على بعد 150 كلم عن سواحل التشيلي، لمدة 10 دقائق، متسببا في موجات تسونامي عالية ورجات قوية هزت المدن التشيلية.
إلى ذلك، كانت مدن كونثبثيون (Concepción) وبويرتو مونت (Puerto Montt)، التي شهدت انهيارا أرضيا، وفالديفيا الأكثر تضررا، وعلى حسب مصادر تلك الفترة، سوي عدد كبير من مباني فالديفيا بالأرض بينما أصبح قسم آخر منها مهددا بالانهيار.
ومن جهة ثانية، أسفر الزلزال عند وقوعه عن مقتل عدد قليل من الأشخاص. وفي الأثناء، أدت هذه الرجة القوية التي ضربت بعرض البحر لظهور موجات تسونامي عالية بلغ ارتفاعها أكثر من 25 مترا وامتدت لتبلغ سواحل التشيلي متسببة في مقتل 1655 شخصا وإصابة 3000 آخرين حسب حصيلة أولية قدمتها السلطات التشيلية.
وفي الأثناء، امتد تأثير هذا الزلزال ليتجاوز التشيلي. فبعد نحو 15 ساعة، بلغت موجات تسونامي، قدر طولها بنحو 11 مترا، جزر هاواي، على بعد 10 آلاف كلم، مدمرة في طريقها العديد من المنازل. وقد ألحقت هذه الأمواج العاتية أضرارا كبيرة بخليج هيلو (Hilo Bay) بهاواي وأدت لمقتل 61 شخصا.
وبعد حوالي 22 ساعة، تفاجأ اليابانيون المقيمون بجزيرة هونشو (Honshu)، أكبر جزر اليابان والتي تتواجد بها العاصمة طوكيو، بموجات تسونامي بلغ ارتفاعها 5.5 متر قادمة نحوهم. وباليابان، أسفرت هذه الأمواج العالية عن مقتل نحو 138 شخصا.
أسفر زلزال فالديفيا، وموجات التسونامي التي تسبب بها، عن مقتل حوالي 6 آلاف شخص بمناطق مختلفة مطلة على المحيط الهادئ كما كبد الدول المتضررة خسائر بلغت قيمتها حوالي 800 مليون دولار.
بعد مضي يومين فقط عن الزلزال، ثار بركان كوردون كول (Cordón Caulle) بالتشيلي بعد سبات استمر لعشرات السنوات. وبغضون شهرين، قذف هذا البركان 200 مليون متر مكعب من الحمم دون أن يتسبب بخسائر مادية أو بشرية بسبب تواجده بمنطقة نائية.