لم يحظ غياب
رئيس الوزراء الجورجي، إيراكلي غاريباشفيلي، عن قمة حلف شمال الأطلسي في فيلنيوس والتي عُقدت في
تموز، إلا بقدر ضئيل من الاهتمام.
وبحسب تقرير أعده موقع "Atlantic Council" الأميركي، "في الواقع، فإن هذا الغياب يعكس تحولاً جيوسياسياً مستمراً في منطقة البحر الأسود الأوسع، وما قد يترتب على ذلك من عواقب وخيمة على الأمن الدولي. وفي
الوقت الذي يبدو فيه أن
روسيا على وشك أن تخسر في
أوكرانيا، هناك دلائل متزايدة على أن الكرملين يحقق انتصاراً في جورجيا. قبل أسابيع من انعقاد قمة الناتو هذا الصيف، احتل غاريباشفيلي عناوين الأخبار
الدولية بعد أن اتهم الحلف أنه السبب وراء الغزو الروسي لأوكرانيا. وبحسب ما ورد، دفع هذا
البيان التحالف إلى حرمان غاريباشفيلي من موقعه في
القمة، وذلك وفقًا لصحيفة Frankfurter Allgemeine Zeitung الألمانية".
وتابع الموقع، "على الرغم من أن تعليقات غاريباشفيلي كانت مثيرة للجدل، إلا أنها ليست استثنائية. في الواقع، إنها تعكس تحولاً أوسع نطاقاً من جانب الحكومة الجورجية بعيداً عن التكامل الأوروبي الأطلسي ونحو الكرملين. ففي
تموز 2023، وقعت جورجيا شراكة استراتيجية مع الصين، مما يشير إلى تحول إضافي بعيدًا عن الغرب وسط علامات متزايدة على دعم بكين الضمني للغزو الروسي لأوكرانيا. ولم تتبنّ الحكومة الجورجية مبادرة "الحزام والطريق" التي أطلقتها بكين فحسب، بل أشارت أيضا إلى دعمها لمشاريع السياسة الخارجية الصينية الأخرى التي تبدو مصممة لموازنة الغرب بشكل عام والولايات المتحدة بشكل خاص. لذلك، يجب أن يأخذ صانعو السياسة الغربيين هذا الاتجاه على محمل الجد".
وتابع الموقع، "يتعين على زعماء الغرب أن يدركوا أن التقليل من شأن التغيرات الجيوسياسية الجارية حالياً في جورجيا أمر يتسم بالافتقار إلى البصيرة. والآن، يُنظَر على نطاق واسع إلى الرد الضعيف من قِبَل الغرب على الغزو الروسي لجورجيا في عام 2008 باعتباره خطأً استراتيجياً فادحاً شجع الرئيس الروسي فلاديمير بوتن ومهد الطريق لغزوه لأوكرانيا. وبعد مرور خمسة عشر عاماً، يساعد إحياء النفوذ الروسي في جورجيا في إقناع بوتين بأنه على الرغم من النكسات الكبرى، فإنه سوف يتمكن في نهاية المطاف من تحقيق أهدافه في أوكرانيا".
وبحسب الموقع، "في حين اتحد العالم الغربي في معارضة الهجوم الروسي على
أوكرانيا، وقفت جورجيا جانباً وتبنت بدلاً من ذلك مجموعة من السياسات المؤيدة للكرملين، ومن الأهمية بمكان أن السلطات الجورجية رفضت رفضاً قاطعاً الانضمام إلى العقوبات
الدولية ضد
روسيا. وفي
الوقت نفسه، استعادت تبليسي مؤخراً الرحلات الجوية المباشرة مع
روسيا، على الرغم من دعوات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بعدم القيام بذلك. كما وردد المسؤولون الحكوميون دعاية الكرملين التي تتهم الغرب بمحاولة الضغط على جورجيا لحملها على مهاجمة روسيا".
وتابع الموقع، "في غضون ذلك، اتهم المنتقدون السلطات الجورجية بتبني سياسات مناهضة للديمقراطية مماثلة لتلك التي تبنتها
روسيا في العقود الأخيرة. وفي ربيع عام 2023، حاول حزب الحلم الجورجي الحاكم تنفيذ قوانين جديدة تعكس بشكل وثيق التشريعات الروسية القائمة التي تستهدف منظمات المجتمع المدني باعتبارها "عميلة أجنبية". وقد تم حظر هذه المبادرة في نهاية المطاف بسبب احتجاجات عامة واسعة النطاق، لكن الجهود الرامية إلى شيطنة المجتمع المدني والمعارضة السياسية في البلاد استمرت".
وأضاف الموقع، "إن فشل الغرب في معالجة انزلاق جورجيا إلى المدار الجيوسياسي الروسي سوف يكون خطأً باهظ الثمن. ولتجنب هذه النتيجة، تحتاج واشنطن وبروكسل إلى تبني سياسات واضحة. ومع استمرار النفوذ الروسي في النمو في جورجيا اليوم، فإن النفوذ الغربي يتضاءل حتماً، إذاً من الأهمية بمكان أن يستخدم الغرب نفوذه المشروع دون تأخير لإثبات أن اتخاذ المزيد من الخطوات تجاه موسكو سوف يأتي بتكاليف باهظة. أما البديل فسيكون كارثيا بالنسبة لجورجيا وأوكرانيا والمصالح الغربية".
وختم الموقع، "إذا تمكن بوتين من إعادة تأكيد الهيمنة الروسية على جورجيا وعرقلة طموحات البلاد الأوروبية الأطلسية مع الاستمرار في احتلال عشرين بالمائة من البلاد، فسيكون ذلك بمثابة حافز له بأن النتيجة عينها سيتمكن من تحقيقها في نهاية المطاف في
أوكرانيا. في الواقع، هذا من شأنه أن يطيل أمد الحرب الحالية ويمهد الطريق لمزيد من الأعمال العدوانية الروسية".