ذكرت صحيفة "The Washington Post" الأميركية أنه "عندما شنت حماس هجومها على إسرائيل في 7 تشرين الأول، اتخذ الرئيس الأميركي جو بايدن قراراً مقنعا ومدروساً، وأعلن تضامنه الكامل مع البلاد. لا بد أن بايدن قد حسب أن الطريقة الوحيدة للتأثير على إسرائيل هي احتضانها وإظهار التعاطف الحقيقي معها وإرسال الأسلحة التي تحتاجها وبالتالي كسب ثقتها للتأثير على كيفية ردها. في الواقع، لقد كانت استراتيجية مدروسة، لكنها فشلت فشلا ذريعا تقريبا".
وبحسب الصحيفة، "منذ البداية، حثت الإدارة الإسرائيليين على مراعاة التناسب في ردهم على حماس. إلا أن إسرائيل مضت قدماً في واحدة من أكثر حملات القصف اتساعاً في هذا القرن ضد سكان يبلغ عددهم نحو 2.2 مليون نسمة، والذين يضمون، وفقاً لتقديرات إسرائيل الخاصة، نحو 30 ألفاً من مقاتلي حماس. وبحسب تقديرات شهر كانون الثاني، فإن أكثر من نصف المباني في مختلف أنحاء غزة قد تضررت أو دمرت. ونصحت الإدارة الأميركية إسرائيل بعدم القيام بغزو بري كبير لغزة، كما ونصحتها باتخاذ نهج محدد ومستهدف يهدف إلى القضاء على مقاتلي حماس والبنية التحتية. وعقدت الحكومة الإسرائيلية الكثير من الاجتماعات الطويلة مع المسؤولين الأميركيين، ثم مضت قدماً في الغزو البري".
وتابعت الصحيفة، "حث فريق بايدن على هدنة إنسانية، لكنه لم يحصل إلا على وقفة قصيرة عندما تمكن من إقناع الحكومة القطرية بالتوسط في تبادل الرهائن. وبعد انتهاء العمليات الأولية، قال المسؤولون الأميركيون للمسؤولين الإسرائيليين إن ما حدث في شمال غزة لا يمكن فعله في الجنوب. ومع ذلك، بعد أن طلبت من الناس الانتقال إلى الجنوب لتجنب الأذى، شرعت إسرائيل بعد ذلك في قصفها بطريقة اعترف بايدن نفسه بأنها "عشوائية". ومارست الولايات المتحدة ضغوطا متكررة على إسرائيل لبذل جهود أكبر لحماية المدنيين الأبرياء، ولكن دون جدوى، وهي الآن تقدم المشورة ضد غزو رفح، المدينة التي تقع بالقرب من مصر حيث يتجمع أكثر من مليون فلسطيني. وقد وعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بغزو رفح، سواء تم التوصل إلى صفقة رهائن أخرى أم لا".
وأضافت الصحيفة، "حذرت واشنطن من أنه بعد الحرب يجب ألا يكون هناك استيلاء إسرائيلي على أراض في غزة وعدم وجود احتلال إسرائيلي جديد للقطاع. وفي الواقع، تتمثل خطط الحكومة الإسرائيلية في القيام بالأمرين معا. والنتيجة هي أن السياسة الأميركية في التعامل مع حرب غزة تبدو الآن بائسة وغير فعّالة وغير أخلاقية. إن صورة المسؤولين الأميركيين وهم مستاؤون بشأن سقوط ضحايا من المدنيين بينما يقدمون المزيد من الأسلحة هي صورة بشعة. إن صورة رئيس الولايات المتحدة وهو يتمتم بكلمات مثل "عشوائي" في وصف القصف الإسرائيلي توحي بالضعف والسلبية".
وبحسب الصحيفة، "يكمن جزء من المشكلة في أن بايدن، من خلال ثقته بالحكومة الإسرائيلية، يثق في نتنياهو، وهو سياسي ذكي بشكل استثنائي يعرف كيفية التعامل مع الرؤساء الأميركيين بخبرة وقد فعل ذلك لعقود من الزمن. هذه المرة، تفوق نتنياهو على بايدن في الدهاء والمناورة. لكن المشكلة تتجاوز نتنياهو. فإسرائيل تعيش حالة صدمة. وفي الواقع، هز هجوم 7 تشرين الأول البلاد حتى النخاع. لقد تحطم الشعور بالأمان الذي كان من المفترض أن تمنحه إسرائيل لشعبها، ونتيجة لهذا فإن العديد من الإسرائيليين يسمحون بسياسات سوف يندمون عليها بشدة. من جانبه، يتمتع بايدن، باعتباره صديقًا حقيقيًا لإسرائيل، بالصدقية اللازمة لإخبارهم بالحقيقة علنًا وبشكل مباشر".
وتابعت الصحيفة، "منذ بداية الحرب، لقي 30 ألف شخص حتفهم في غزة، معظمهم من الأطفال. وتقول إسرائيل إن هدفها هو تدمير حماس بالكامل. في الواقع، يمكنك قتل مقاتلي حماس، ويمكنك اقتلاع بنيتها التحتية، لكن لا يمكنك تدمير حماس لأنها في الحقيقة فكرة: أن المقاومة المسلحة هي الطريقة الوحيدة التي سيحصل بها الفلسطينيون على حقوقهم. ولهزيمة هذه الفكرة، فأنت بحاجة إلى فكرة أفضل، طريقة لإظهار أن العمل والتعاون البعيدين عن العنف من شأنهم أن يضمنوا حياة أفضل للفلسطينيين والأمن الدائم لكلا الشعبين".
وختمت الصحيفة، "يجب على بايدن أن يذهب إلى إسرائيل ويتحدث عن هذه الحقائق الصعبة، كما أنه سيُظهر لأميركا والعالم أنه لا يزال يتمتع بالطاقة والوضوح الأخلاقي والحكمة اللازمة للقيادة".