أجرى الرئيس السوري بشار الأسد، ، مباحثات هاتفية منفصلة مع الرئيس الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، قال فيها إن بلاده قادرة بمساعدة حلفائها على "دحر الإرهابيين" مهما اشتدت هجماتهم. وشدد على أنَّ "الإرهاب لا يفهم إلا لغة القوة وهي اللغة التي سنكسره ونقضي عليه بها أيا كان داعموه ورعاته"، فيما أفادت أوساط سورية بأن لطيران الروسي "سيتحرك خلال الساعات المقبلة لتغيير مسار المعارك في الشمال السوري"، بالتوازي اعتبر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ، خلال زيارة لدمشق قبل ان ينتقل إلى أنقرة، أن الوضع في سوريا "صعب". معتبراً أن الحكومة السورية ستنجح في التغلب على المعارضة، مثلما فعلت في الماضي. وقد بعثث إيران بتحذيرات لإسرائيل عبر الولايات المتحدة، في حين أن الجانب الروسي وضع تسع نقاط مراقبة على طول خط وقف اطلاق النار .
كل ذلك، يأتي بعد هجوم بدأ الأربعاء استولت فيه فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام على أراضي سورية ودخولها مدينة حلب، وبعد توجيه رئيس وزراء العدو الاسرائيلي بنيامين نتنياهو تحذيرا للرئيس السوري بشار الأسد، مؤكدا أنه "يلعب بالنار".
كلمة السر أطلقها نتنياهو عبر حديثه الأخير مهدداً سوريا وقيادتها، حيث تحركت المجموعات المسلحة من ريف حلب الغربي وريف إدلب الشرقي بعملية واسعة جداً من أجل تغيير خارطة التموضع الثابتة منذ عامين حتى الآن، فبعد ساعات من خطاب نتنياهو الأخير الذي أعلن من خلاله قبوله اتفاق وقف اطلاق النار مع لبنان والالتزام بالقرار1701 ، نفذت هيئة تحرير الشام ومجموعة من الفصائل الداعمة لها عملية عسكرية مباغتة وواسعة صباح الاربعاء باتجاه ريف حلب الغربي من محورين : الأول: الاتارب اورم الكبرى باتجاه كفر طوم وهدفه قطع طريق حلب دمشق الدولي لمحاصرة مدينة حلب بالكامل. الثاني: من الاتارب باتجاه قبان الجبل وعندان وحريتان، لقطع طريق اعزاز الواصل بين مدينتي نبل والزهراء وحلب ، في محاولة لفصل المدينتين عن حلب .
طبعا أعاد الجيش العربي السوري انتشاره عند الخط الدفاعي الثاني تبعا لظروف المعركة حيث تعتبر هذه المناطق، بحسب مصادر سورية، مناطق مفتوحة من أجل استيعاب الهجوم ، وفصل التحام القوات في ما بينها افساحا في المجال لسلاح الجو السوري الروسي وسلاح المدفعية والصواريخ ، لتنفيذ رمايات دقيقة ضد تجمعات المسلحين ، الذين سقط منهم عدد كبير بين قتيل وجريح، وتم استهداف معظم السيارات المدرعة التي كان يعتمد عليها هؤلاء من أجل تنفيذ خرق في الخطوط الدفاعية للجيش العربي السوري والالتفاف عليه، مشيرة إلى أن هذه العملية ووفق المفهوم العسكري يطلق عليها الدفاع المتحرك ، حيث عمد الجيش السوري إلى عدم فتح معركة داخل مدينة حلب لكونها تحوي نحو خمسة ملايين مدني وقام بسحب المؤسسات الحكومية والأجهزة الأمنيّة والشرطية، وأعاد انتشاره في ريف حلب الشمالي الشرقي .
لا تغفل مصادر سورية قريبة من الحكومة السورية الدور التركي خاصة وأن مسار المفاوضات مع الجانب السوري لا يزال متعثرا كما صرح الجانب الروسي الضامن. ويبدو أن هذا الهجوم أتى، بحسب هذه المصادر بأوامر تركية وإسرائيلية، فتل أبيب تريد معاقبة سوريا على مواقفها من دعم حزب الله بإشغال الجيش العربي السوري بمعارك جانبية، وأنقرة تريد الضغط على الحكومة السورية لتحسين شروط تفاوضها معها ومحاولة تغيير الجغرافيا لمصلحتها، ولإجبار دمشق على الجلوس إلى طاولة المفاوضات بشروطها ، وكانت سوريا طالبت بإعادة بناء الثقة المفقودة مع الجانب التركي من خلال وضع جدول زمني للانسحاب من الأراضي السورية، لكن الجانب التركي لم يتخذ أي إجراءات عملية بهذا الخصوص .
أما عن خروقات القنيطرة فهي لم تحدث، بحسب هذه المصادر ، وما قام به الإسرائيلي يتمثل بحفر خندق طويل بعمق 20 متر في بعض المناطق خلف الخط الازرق بحجة أنه يريد البحث عن أنفاق خوفاً من تسلل مقاومين لأراضي الجولان العربي السوري .
وتشدد هذه المصادر على أن الجيش السوري يقوم بقطع خطوط الإمداد عن الإرهابيين وضرب مراكز القيادة والسيطرة ومخازن السلاح والذخيرة في إدلب، ويعيد تجميع قواته مع حلفائه لتنفيذ الهجوم المضاد الذي تعهد به بيان وزارة الدفاع السورية، مع تأكيد المصادر أن سوريا تتلقى دعما عربيا كبيرا في هذه العملية لأول مرة منذ عام 2011 وتظهر بشكل واضح في موقف الإمارات، حيث أكد الشيخ محمد بن زايد دعم سوريا في محاربة الإرهاب والتطرف، وزيارة عراقجي امس إلى سوريا تأتي في تنسيق الجهود الإيرانية- السورية وانتقاله إلى أنقرة من أجل وضع الأتراك أمام مسؤولياتهم وإبلاغهم بقرار الحكومة السورية بأن الجيش لن يتوقف حتى يصل إلى الحدود وفق قاعدة المعاملة بالمثل، أي أنه بما أن المجموعات المسلحة الإرهابية خرقت تفاهمات استانا وسوتشي، يحق للجيش العربي السوري عدم الالتزام بهذه التفاهمات ،على أن تبدأ العملية البرية قريبا للقضاء عليها في شمال غرب سوريا .