ذكر موقع "Middle East Eye" البريطاني أنه "في الثامن والعشرين من كانون الثاني، طالب المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي المسؤولين الإيرانيين بـ"توخي الحذر والتعرف على عدوهم" أثناء المفاوضات، ملمحاً من خلال هذه التعليقات إلى دعمه الضمني للحوار مع الولايات المتحدة. وفي تجمع لكبار المسؤولين، قال خامنئي، الذي كان يجلس بجوار الرئيس الإيراني الإصلاحي مسعود بزشكيان: "يتعين علينا أن نفهم أن وراء الابتسامات الدبلوماسية عداوات وكراهية خفية. يتعين علينا أن نفتح أعيننا ونظل متيقظين لمن نتعامل معه ونتحدث إليه". وجاءت هذه التصريحات بعد أيام قليلة من مقابلة بزشكيان مع شبكة إن بي سي في وقت سابق من هذا الشهر، حيث أعرب عن استعداد إيران "للحوار" على أساس المساواة واحترام "كرامة" إيران".
وبحسب الموقع، "كان هذا الموقف الذي تبناه كل من خامنئي وبزشكيان غير متوقع، بالنظر إلى موقف طهران المتشدد بعد اغتيال قاسم سليماني عام 2020، والذي يمكن القول إنه ثاني أكثر شخصية نفوذاً في البلاد، بأمر من دونالد ترامب خلال ولايته الأولى كرئيس للولايات المتحدة. في ذلك الوقت، صرح خامنئي بشكل لا لبس فيه: "حتى لو حدث ما هو غير محتمل وانخرطت إيران في تعاملات مع النظام الأميركي في مرحلة ما، فلن تتفاوض أبدًا مع إدارة ترامب هذه. يجب أن يعرف الجميع". إن الموقف الإيراني الجديد قد يشير إلى تحول محتمل في السياسة، مما يثير التفاؤل بشأن إعادة تقييم موقفها تجاه إدارة ترامب".
ورأى الموقع أن "أمام ترامب الآن ثلاثة خيارات للتعامل مع الحكومة الإيرانية، وكل منها سيؤثر حتما على إيران وشعبها. قد ينفذ ترامب سياسة "الضغط الأقصى 2.0" لإرغام الحكومة الإيرانية على التفاوض وتأمين صفقة جديدة، أو قد يسمح لإسرائيل أو يدعمها بشكل غير مباشر في ضرب المنشآت النووية الإيرانية، أو قد يتعاون مع إسرائيل في العمليات العسكرية التي تستهدف المواقع النووية الإيرانية، في حين يستعد لاحتمال اندلاع حرب أوسع نطاقا. وتشير التصريحات العامة لترامب إلى ميل قوي نحو الخيار الأول. فقد أعرب باستمرار عن معارضته لتورط الولايات المتحدة في "حروب لا نهاية لها". لكن الخيار الثاني يخاطر بالتصعيد السريع إلى الخيار الثالث، حيث أن الرد الإيراني الشديد على ضربة إسرائيلية قد يجبر الولايات المتحدة على التدخل، مما قد يؤدي إلى صراع أوسع نطاقا".
إشارة محسوبة
وبحسب الموقع، "تؤكد الأدلة على استعداد ترامب للسعي إلى السلام في الشرق الأوسط. فحتى قبل إعادة انتخابه، أرسل ترامب رسالة واضحة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإنهاء حرب غزة قبل تنصيبه. ولم يكن هذا مجرد موقف، إذ يُقال إن المبعوث الخاص لترامب، ستيف ويتكوف، ضغط على نتنياهو لحمله على وقف إطلاق النار. ومن التطورات اللافتة للنظر بشكل خاص ما يتعلق بما صدر عن الأستاذ في جامعة كولومبيا جيفري ساكس، الذي زعم مؤخرا في مقطع فيديو أن نتنياهو لعب دورا رئيسيا في توجيه الولايات المتحدة إلى حربين إقليميتين سابقتين. وبعيدا عن المؤامرة السياسية، فإن سعي ترامب إلى السلام في الشرق الأوسط متجذر في براغماتية اقتصادية شخصية. وتلعب المملكة العربية السعودية دورا محوريا في هذه الرؤية، حيث تقدم فوائد اقتصادية كبيرة مع الحفاظ على علاقات وثيقة مع ترامب ودائرته الداخلية. وبالنسبة لترامب، فإن التطبيع السعودي الإسرائيلي هو هدف أساسي، وهو الهدف الذي يتوقف على خلق بيئة إقليمية مستقرة وسلمية".
وتابع الموقع، "يزعم البعض أن وجود صقور إيران، مثل وزير الخارجية ماركو روبيو ومستشار الأمن القومي مايك والتز، من الممكن أن يؤثر على قرارات الإدارة بشأن إيران. لكن هذا يتجاهل حقيقة مفادها أنه بسبب شخصية ترامب والشعور المتضخم بأهميته الذاتية، فإن القرار النهائي هو دائما له. ففي ولايته الأولى، أقال ترامب أو ضغط على 18 مسؤولاً رفيع المستوى للاستقالة بسبب فشلهم في التوافق مع سياساته، بما في ذلك وزير خارجيته ووزير دفاعه ومستشاره للأمن القومي وكبير الاستراتيجيين. بالرغم من كل ما سبق، لا يتخذ ترامب قراراته بمعزل عن الآخرين، وسوف تؤثر استفزازات إسرائيل وردود أفعال إيران على خياراته".
مخاوف بشأن الطاقة
وبحسب الموقع، "في عهد جو بايدن، نجحت إيران في التحايل على العقوبات الأميركية وزيادة صادراتها النفطية من 300 ألف برميل يوميا خلال ولاية ترامب الأولى إلى ما يقرب من 1.7 مليون برميل يوميا. ولكن من الجدير بالذكر أنه في أواخر العام الماضي، كشف حجة الله ميرزائي، أستاذ الاقتصاد ورئيس مركز أبحاث غرفة التجارة الإيرانية، أن 92% من نفط إيران تم بيعه للصين بخصم 30%. ومن المرجح أن يقطع ترامب هذا المصدر من الإيرادات، كما فعل خلال ولايته الأولى. وفي الواقع، أدى انخفاض الضغط في جنوب فارس، أحد أكبر احتياطيات الغاز الطبيعي في العالم، إلى تأجيج أزمة طاقة حادة في إيران. ويوفر جنوب فارس 64٪ من كهرباء إيران و70٪ من استهلاكها من الغاز الطبيعي، وساهم النقص في انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع في المنازل والصناعات، إلى جانب انقطاع الغاز عن القطاعات الصناعية".
صراع مباشر؟
وبحسب الموقع، "من ناحية أخرى، في عام 2018، عندما انسحب ترامب من الاتفاق النووي، حدد نوع الاتفاق الذي يسعى إليه، ورأى أن اتفاق 2015 لم يوفر حتى "الحق غير المشروط في تفتيش العديد من المواقع المهمة، بما في ذلك المنشآت العسكرية". كما انتقد ترامب خطة العمل الشاملة المشتركة لفشلها في "معالجة تطوير النظام للصواريخ الباليستية القادرة على إطلاق الرؤوس الحربية النووية"، وتجاهل "أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار، بما في ذلك دعمها للإرهاب". قد يبدو أن ترامب يتراجع أحيانًا عن مواقفه، ولكن عندما يتعلق الأمر باتفاق مع الحكومة الإيرانية، فإنه يظل يركز على تأمين صفقة لتعزيز هيبته وإظهار تفوقه على الديمقراطيين. ولكن إلى أين سيقود هذا؟ هناك سيناريوهان محتملان".
وتابع الموقع، "أولا، طالما لم يشعر ترامب بأي تهديد نووي كبير من إيران، فيمكنه الاستمرار في تكثيف العقوبات على البلاد، بهدف ممارسة الضغط الداخلي لجعل الحكومة هشة وغير مستقرة. والأمل هو أن تعود إيران، في مواجهة التهديد الوجودي، إلى طاولة المفاوضات وتوافق على صفقة تلبي مطالب ترامب الأساسية. ثانياً، إذا صعدت إيران تهديداتها النووية إلى مستوى حيث يرى ترامب أنها قد تشكل خطرًا كبيراً، فإن خيارات الصراع المباشر أو غير المباشر ستدخل حيز التنفيذ، وقد تشمل منح إسرائيل الحرية لضرب المنشآت النووية الإيرانية، أو التعاون في مثل هذا الهجوم".