دخلت إسرائيل على خط التوتر الذي شهدته مدينة جرمانا يوم الجمعة الماضي،على خلفية مقتل أحد عناصر أجهزة الأمن على يد مجموعة درع جرمانا حيث وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزيره للحرب يسرائيل كاتس، الجيش بالتحضير لحماية منطقة جرمانا الدرزية.
وضمن مساعي احتواء التوتر زار وفد من أهالي جرمانا، قنوات في السويداء للقاء الشيخ حكمت الهجري الذي أوضح أنه «لا يطالب بانفصال أو انشقاق عن سوريا، مؤكداً أن مطالبهم «وحدة سوريا أرضاً وشعباً، والعيش بكرامة. وقال "يجب أن نوحد الصف"، مشيراً إلى أن الحديث الذي يدار بشأن الانفصال لا أساس له.
وأفيد أن مجموعة من الضباط المتقاعدين ، وبغطاء من الهجري، يتجهون للإعلان عن تنظيم عسكري باسم جيش سوري وطني، للوقوف في وجه المشاريع التقسيمية، لا سيما وأن حزب اللواء السوري، شدّد على ضرورة اعتماد الفيدرالية كنظام حكم للبلاد، وداعياً الحكومة السورية في دمشق إلى عقد اتفاق سلام مع إسرائيل، ويتقاطع هذا التنظيم مع ما يسمى بالمجلس العسكري للسويداء، الذي يرتبط بقوات سوريا الديمقراطية والقوات الأميركية ويتبنى الأجندات الانفصالية ويدعو إلى إقامة إقليم درزي مستقل بدعم من إسرائيل.
وبانتظار زيارته المرتقبة إلى سوريا للتـأكيد على مرجعية دمشق قال الرئيس السابق للحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط إن "المشروع الصهيوني يريد جر ضعفاء النفوس إلى حرب أهلية"، محذراً من "خطورة المرحلة الراهنة". وقال إن "هناك تحدياً كبيراً: إما البقاء على الهوية العربية التي يستمد منها الدروز قوتهم، وإما السير في المخطط الصهيوني". وحذر جنبلاط الشيخ موفق طريف الذي تروج له إسرائيل على أنه ممثل لدروز المنطقة قائلاً: "طريف لا يمثل الدروز، وفي كل منطقة يوجدون فيها هناك من يمثلهم".
يبدو أن المسار في سوريا معقد، فإسرائيل كما أعلن نتنياهو لن تسمح لقوات هيئة تحرير الشام، أو الجيش السوري الجديد بدخول جنوب دمشق، مطالباً بنزع السلاح الكامل من محافظات القنيطرة ودرعا والسويداء، ومؤكداً ضرورة أن يحترم النظام الجديد حقوق الأقليات في سوريا بشكل كامل بما في ذلك الأكراد، مع الإشارة إلى أن الجيش الإسرائيلي شيد تسعة مواقع عسكرية داخل الأراضي السورية في إطار ما أسماه عملية سيف باشان ".
الباحث في الشؤون السياسية والعسكرية عمر معربوني يتحدث لـ"لبنان24" عن عملية سيف باشان ويقول هي مملكة يهودية بخلفية توراتية تمتد من قمم جبل الشيخ نزولا تحت سفوحه ومروراً بسهل حوران ووصولاً حتى التن ، وهذا كله يؤكد أن إسرائيل تتجه للسيطرة المباشرة وليس فقط السيطرة النارية على هذه المنطقة .
إن الهدف من العمليات الإسرائيلية، بحسب معربوني، العمل من قبل تل أبيب على السيطرة على ممر داوود وهو جزء من المخططات الإسرائيلية التاريخية، وهو ممر جغرافي يربط الجنوب السوري بشمال شرق سوريا حيث السيطرة الكردية - الأميركية راهناً بعرض يتراوح تقريبا بين 50 إلى 100 كلم ما يعني السيطرة على مساحات واسعة من البادية السورية حتى الحدود السورية الأردنية من الشرق وعلى خط الحدود السورية – العراقية بشكل كامل.
يريد نتنياهو تحقيق نصف مشروع إسرائيل الكبرى، فضلا عن أنه يريد أهداف جيوسياسية من شأنها أن تمنع أي عمليات ربط بين سوريا والعراق فضلا عن أهداف اقتصادية، فإسرائيل حالياً تسيطر على منابع المياه في جبل الشيخ وعلى حوض اليرموك حيث الثروة المائية الأساسية في جنوب سوريا وتطمح في الوصول إلى المنطقة الأكثر أهمية في سوريا والتي تتواجد فيها الأراضي الاستراتيجية الزراعية والنفط حيث تسيطر قسد.
وليس بعيداً يتحدث معربوني عن اهتمام إسرائيل بأراضي السيليكون التي تقع بين دير الزور -البوكمال خصوصاً وأن هناك معلومات تشير إلى أن نقاوة السيليكون السوري والتي تبلغ الـ79في المئة تتجاوز الموجود حاليا في العالم والذي تصل نقاوته الى 37 في المئة .
تتجه إسرائيل اليوم لرسم خارطة جديدة لسوريا، ولا توجد حتى الان مؤشرات توحي أن هناك قوة قد تمنعها من تنفيذ مخططاتها، فهي تعمل اليوم، بحسب معربوني، على موضوع الأقليات سواء الدرزية أو الكردية أو حتى العلوية، ولذلك فإن مسألة التقسيم باتت واضحة بشكل كبير على الرغم من الكلام الصادر عن الإدارة السورية الجديدة بأن لا تقسيم لسوريا بأي شكل، ولا فيدرالية، فإسرائيل التي استخدمت ورقة الأقليات تاريخيا تعود اليوم مجدداً لتستخدمها وبالتالي فإن سوريا أمام مخاطر كبيرة، وكذلك الأمر بالنسبة الى لبنان لأن تنفيذ الخطط الإسرائيلية في سوريا يعني تطويقه بشكل كامل وقطع أي علاقة له بالعالم العربي، مع إشارة معربوني إلى أن التهديدات الإسرائيلية تطال الأردن والعراق وهذا يستدعي تحركاً عربياً جدياً لأن تل أبيب لم تخف أطماعها بالمملكة العربية السعودية .