يُعد الدستور في أي دولة حجر الزاوية للنظام السياسي، لكن في سوريا اتسمت الحياة الدستورية بالاضطراب وعدم الاستقرار، إذ تعاقب على البلاد أكثر من عشرة دساتير منذ عام 1920، إضافة إلى مسودات لم تُعتمد، ما يعكس غنى التجربة السياسية وتنوعها، لكنه يُبرز أيضًا هشاشة الاستقرار السياسي والتأثر بالصراعات والانقلابات.
1. البدايات (1920–1930):
بدأت التجربة الدستورية مع إعلان المملكة السورية وتنصيب الأمير فيصل بن الحسين ملكاً، وصياغة دستور 1920، الذي لم يُطبق بسبب الاحتلال الفرنسي. لاحقًا، وُضع دستور 1930 بعد مقاومة شعبية وانتخابات جمعية تأسيسية، لكنه عُطل مراراً من فرنسا.
2. الاستقلال والانقلابات (1946–1954):
بعد الاستقلال، أثّرت حرب 1948 في تدخل الجيش بالسياسة، لتبدأ سلسلة انقلابات عسكرية عطّلت الحياة الدستورية، أبرزها انقلاب حسني الزعيم 1949، تلاه انقلابا الحناوي والشيشكلي، الذي فرض دستوراً رئاسياً عام 1953 مؤسساً لجمهورية عسكرية.
3. الوحدة والانفصال (1958–1963):
في ظل الوحدة مع مصر، صدر دستور مؤقت يكرّس الحكم المطلق لعبد الناصر، وانتهى بعد الانفصال بانقلاب 1961، ليُعاد العمل جزئيًا بدستور 1950، قبل أن يُطيح انقلاب البعث عام 1963 بكل الحياة الدستورية البرلمانية السابقة.
4. حكم البعث (1963–2000):
كرّس البعث سلطته عبر دساتير مؤقتة تعزز حكم الحزب والجيش، لا سيما دستور 1969 الذي رسّخ مبدأ "الجيش العقائدي" و"قيادة البعث للدولة". بعد انقلاب حافظ الأسد 1970، أُقر دستور 1973 الذي منح الرئيس سلطات شبه مطلقة.
5. توريث السلطة والثورة (2000–2011):
عُدلت مواد الدستور بسرعة بعد وفاة حافظ الأسد لتمكين توريث السلطة إلى بشار. انطلقت الثورة السورية في 2011، فرد النظام بدستور جديد عام 2012، لم يغيّر من هيمنة الرئيس على السلطات، رغم إلغاء مادة قيادة البعث.
6. ما بعد الأسد (2024–الآن):
بعد سقوط نظام الأسد نهاية 2024، أصدر الرئيس الانتقالي أحمد الشرع إعلانًا دستوريًا يمنحه صلاحيات واسعة خلال مرحلة انتقالية مدتها خمس سنوات.