Advertisement

إقتصاد

قانون الرقائق تحت المجهر.. لماذا يسعى ترامب لإلغائه؟

Lebanon 24
15-04-2025 | 00:26
A-
A+
Doc-P-1347579-638802993622179091.jpg
Doc-P-1347579-638802993622179091.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
منذ عودته إلى البيت الأبيض، سارع دونالد ترامب إلى إعادة تشكيل ملامح الاقتصاد الأميركي وفق رؤيته الحازمة، واضعاً سياسات جديدة تهدف إلى تعزيز التصنيع المحلي، وتقليص الاعتماد على الخصوم التجاريين، وإعادة التفاوض على الاتفاقيات الاقتصادية الكبرى.
Advertisement

ورغم أن ترامب يخوض حالياً معركة اقتصادية شاملة عبر فرض رسوم جمركية على جميع الدول، إلا أن ذلك لم يمنعه من توجيه سهام الضغط المكثف إلى الداخل الأميركي، وتحديداً نحو قانون "الرقائق والعلوم"، الذي أقرّه سلفه جو بايدن لإنعاش صناعة أشباه الموصلات الأميركية، حيث يسعى ترامب إلى إلغاء أو إعادة تقييم دور هذا القانون.

ما هو قانون الرقائق؟
تم سن مشروع قانون "الرقائق والعلوم" من قبل الكونغرس الأميركي، ووقعه الرئيس جو بايدن ليصبح قانوناً نافذاً في 9 أغسطس 2022، حيث تم بموجبه تخصيص مبلغ 280 مليار دولار أميركي كحزم دعم لتعزيز البحث المحلي وتصنيع أشباه الموصلات في الولايات المتحدة، على مدى عشر سنوات.

وبموجب "قانون الرقائق والعلوم" تم تقسيم مبلغ 280 مليار دولار أميركي على النحو التالي:


نحو 200 مليار دولار لدعم عمليات البحث والتطوير العلمي والتسويق.
نحو 52 مليار دولار لدعم عمليات تصنيع أشباه الموصلات والبحث والتطوير على الأراضي الأميركية.
إعفاءات ضريبية بقيمة 24 مليار دولار على عمليات إنتاج الرقائق.
3 مليارات دولار للبرامج التي تدعم تطوير التكنولوجيا وسلاسل التوريد اللاسلكية.
وقد حظي قانون "الرقائق والعلوم" بدعم من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وكان الهدف منه تقليل اعتماد الولايات المتحدة على آسيا في الحصول على المكونات الدقيقة المرتبطة بصناعة الرقائق، التي تُعدّ شريان الحياة للاقتصاد الحديث، والموجودة في الهواتف الذكية والصواريخ على حد سواء.

قانون مُريع
وبحسب تقرير أعدّته "بلومبرغ" واطّلع عليه موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، فإن قانون "الرقائق والعلوم" حفّز حتى الآن ما يقرب من 450 مليار دولار من الالتزامات لبناء مصانع على الأراضي الأميركية.

ومع ذلك، اشتكى ترامب من أن برنامج القانون يُمثّل إهداراً لأموال دافعي الضرائب، مناشداً المشرعين الجمهوريين الذين يسيطرون على مجلسي النواب والشيوخ، إلغاء هذا التشريع "المُريع للغاية"، بحسب وصفه.

وفي عهد بايدن، لم يُصرف سوى 4.3 مليارات دولار من إجمالي المبالغ التي تشملها المرحلة الأولى من القانون، الذي يمتد تنفيذه على عشر سنوات. ويرجع ذلك إلى أن التمويل مُصمم ليُصرف على مراحل، مع إنجاز الشركات المستفيدة منه للمشاريع المتفق عليها، فبناء مصانع جديدة لإنتاج الرقائق وأشباه الموصلات يستغرق سنوات.

من هم المستفيدون الرئيسيون من القانون؟
حتى الآن، تستفيد من قانون "الرقائق والعلوم" نحو 20 شركة فقط، في حين اختارت العديد من شركات تصنيع الرقائق الكبرى عدم الاستفادة من هذا التمويل.

وتُعدّ شركة "إنتل" أكبر المستفيدين من قانون "الرقائق والعلوم"، حيث نالت الموافقة للحصول على منحة قدرها 7.9 مليار دولار لدعم المصانع التجارية، ومنحة منفصلة قدرها 3 مليارات دولار مُخصصة لإنتاج الرقائق العسكرية.

كما استفادت من هذا القانون شركة "تايوان لتصنيع أشباه الموصلات" (TSMC)، وشركة "سامسونغ"، وشركة "ميكرون تكنولوجي"، إضافة إلى شركة "تكساس إنسترومنتس"، وشركة "غلوبال فاوندريز"، وشركات أخرى معنية بتغليف وتجميع الرقائق لاستخدامها في الأجهزة.



كيف أثّر القانون على صناعة أشباه الموصلات الأميركية؟
كان لقانون "الرقائق والعلوم" تأثير ملموس على صناعة أشباه الموصلات الأميركية، فقد ارتفع الإنفاق على بناء مصانع الرقائق في البلاد بشكل كبير في الأشهر التي تلت إقرار القانون، حتى الشركات التي لن تتلقى تمويلاً حكومياً مباشراً ستستفيد من إعفاءات ضريبية بقيمة 24 مليار دولار على عمليات إنتاج الرقائق.

ويُعدّ هذا تغييراً جذرياً عما كان عليه الحال قبل بضع سنوات فقط، عندما كانت أميركا متأخرة عن ركب بعض الدول في تصنيع أي نوع من أنواع الرقائق المتطورة في العالم، وهي المكونات التي تعمل بمثابة "أدمغة" للأجهزة.

وبحسب جمعية صناعة أشباه الموصلات في واشنطن، فإن الولايات المتحدة في طريقها إلى مضاعفة قدرتها التصنيعية في صناعة الرقائق بنحو ثلاث مرات بحلول عام 2032، مما يعزز حصتها في السوق العالمية إلى 14 في المئة، مقارنة بـ10 في المئة حالياً. وقد أشارت الجمعية إلى أنه لولا قانون الرقائق، لكانت حصة الولايات المتحدة في هذه الصناعة قد تقلصت على الأرجح إلى 8 في المئة.


هل يُمكن لترامب إلغاء أو إعادة صياغة قانون الرقائق؟
يُجادل الرئيس ترامب بأن سياسة فرض الرسوم الجمركية تؤدي وظيفةً أفضل من الدعم الذي يوفّره قانون "الرقائق والعلوم"، والدليل على ذلك إعلان شركة TSMC في مارس 2025 أنها ستستثمر 100 مليار دولار إضافية في مصانع أميركية، وهو توسع يأتي دون حصول الشركة على منح إضافية من قانون الرقائق.

ويتمثل الهدف الأساسي للرئيس ترامب في تحفيز شركات الرقائق على القيام بخطوات مماثلة لتلك التي قامت بها شركة TSMC، مُلمّحاً إلى أنه سيفرض رسوماً جديدة على استيراد أشباه الموصلات في المستقبل.

أما وزير التجارة في حكومة ترامب، هوارد لوتنيك، فقد أكد خلال جلسة تعيينه في يناير 2025، أنه يعتزم مراجعة الصفقات التي أُبرمت بموجب قانون "الرقائق والعلوم" في عهد إدارة بايدن. وبالفعل، تتم حالياً، وتحت إشراف كيان جديد في وزارة التجارة يُعرف باسم "مُسرّع الاستثمار الأميركي"، مراجعة المنح التي حصلت عليها الشركات بموجب القانون.

وبحسب تقرير "بلومبرغ"، فإنه حتى لو أدت عملية مراجعة قانون "الرقائق والعلوم" إلى تغييرات في الاتفاقيات، فإن إدارة ترامب لا تزال ملزمة قانوناً بإنفاق الأموال التي أقرّها الكونغرس لتنفيذ المرحلة الأولى من القانون، والبالغة 39 مليار دولار حتى السنة المالية 2026.

منح البرنامج "طابعا ترامبيا"
وتقول مستشارة الذكاء الاصطناعي المعتمدة من أكسفورد، هيلدا معلوف، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إنه منذ لحظة عودته إلى البيت الأبيض، أوضح الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن المرحلة المقبلة ستشهد تحولات جذرية في السياسات الاقتصادية الأميركية، خصوصاً فيما يتعلق بالتصنيع المحلي والاستقلال التكنولوجي، مشيرة إلى أن ترامب لا يرفض قانون "الرقائق والعلوم" بالمطلق، بل يريد إعادة توجيه القانون بحسب فلسفته، التي تركز على الصفقات لا الاستراتيجيات التقليدية، والدليل على ذلك هو أن ترامب، وبعد شهر من دعوته لإلغاء قانون الرقائق، وقّع أمراً تنفيذياً بإنشاء مكتب جديد لإدارة أموال قانون "الرقائق والعلوم"، مهمته التفاوض على "صفقات أفضل" من تلك التي قامت بها إدارة بايدن.

وشددت معلوف على أن هذا التحول في موقف الرئيس ترامب لا يمكن فهمه كتناقض، بل كمناورة ذكية تهدف إلى تحويل قانون "الرقائق والعلوم" من مبادرة قام بها خصومه السياسيون إلى مشروع يحمل بصمته الخاصة. فترامب يدرك أهمية القانون في دعم مكانة الولايات المتحدة التكنولوجية، لكنه في الوقت نفسه يسعى لتسجيل نصر سياسي من خلال إعادة هيكلة البرنامج ومنحه طابعاً "ترامبياً"، يعكس تشدده في الرقابة على الإنفاق، وتحقيق مكاسب تفاوضية أعلى مع الشركات المستفيدة.
وبحسب معلوف، فإن صناعة أشباه الموصلات ليست مجرد قطاع اقتصادي حيوي، بل هي خط الدفاع الأول في الصراع العالمي على الزعامة التكنولوجية، لا سيما بين الولايات المتحدة والصين، فالرقائق باتت تتحكم في كل منتج تقريباً، من الهواتف الذكية والحواسيب، إلى السيارات الكهربائية والطائرات، وحتى أنظمة الأسلحة الدقيقة. ولذلك، فإن ترامب يدرك أن التخلي عن برنامج بحجم "الرقائق والعلوم" سيكون بمثابة تسليم سلاح استراتيجي للخصم، خصوصاً مع تسارع وتيرة استثمارات الصين في هذا القطاع، ومحاولاتها الاستقلال عن التكنولوجيا الغربية.

واعتبرت معلوف أن مراجعة قانون الرقائق قد تثمر ولادة صفقات محسّنة، إلا أن تبديل قواعد اللعبة بعد كل دورة رئاسية في أميركا يطرح تساؤلات خطيرة حول استقرار المناخ الاستثماري في البلاد، حيث إن شركات كبرى تعهدت بمشاريع بمليارات الدولارات، بناءً على وعود إدارة بايدن، ولذلك فإن أي تعديل مفاجئ قد يدفع تلك الشركات، إلى التفكير في أسواق أكثر استقراراً مثل أوروبا أو كوريا الجنوبية، وهنا تكمن المعضلة بالنسبة لترامب، إذ يجب عليه أن يفرض شروطاً جديدة دون أن يفقد ثقة المستثمرين.
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك