كتب موقع "الحرة": بعد أحد 11 عاما من الحرب في سوريا، لم يحصل ضحايا نظام الأسد على العدالة، على الرغم من محاسبة أفراد منخفضي ومتوسطي الرتب في نظامه، لكن الجرائم واسعة النطاق التي ارتكبها الرئيس السوري ضد شعبه، بمعونة روسية وإيرانية، لا تزال حتى الآن من دون حساب.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز قصصا عن مدنيين قتل النظام أفرادا من عوائلهم، سواء على يد شرطته السرية، أو خلال القصف الذي استهدف المناطق السكنية في سوريا، وقالت إن مصيرا مماثلا قد يكون ينتظر الأوكرانيين، الذين تتعرض مدنهم الآن للقصف خلال الغزو الروسي لها.
وتقول الصحيفة إن المشهد يتكرر، حيث تقصف الأحياء التي كانت نابضة بالحياة، وتزدحم جثث المدنيين في المستشفيات، ويشعر الجميع بالرعب من قرار محتمل للجيش الغازي باستخدام الأسلحة الكيميائية، فيما تستهدف القذائف الهاربين من القصف.
ونقلت الصحيفة عن محللين قولهم إن إرث الحرب السورية، ودور روسيا فيها، يلوح في الأفق بشكل كبير على أوكرانيا، مما يقدم دروسا محتملة لبوتين مفادها إن "الخطوط الحمراء" التي وضعها الغرب يمكن تجاوزها من دون عواقب طويلة الأجل، وأن المستبدين يمكنهم القيام بأشياء فظيعة ومواجهة العقوبات الدولية - وما زالوا في السلطة.
وتم توثيق الكثير من الوحشية التي استخدمها الأسد لسحق خصومه وأثارت وقتها غضبا جعل الكثيرين يعتقدون أنه لا يستطيع أبدا الإفلات من العقاب.
وفي أغسطس 2013، صدمت قوات الأسد العالم باستخدام أسلحة كيميائية في المناطق التي يسيطر عليها المعارضون للأسد بالقرب من العاصمة دمشق، مما أسفر عن مقتل أكثر من 1400 شخص، حسبما قال مسؤولون أميركيون.
وتوقع العديد من السوريين أن مثل هذا الانتهاك الصارخ للقانون الدولي من شأنه أن يدفع إلى تدخل عسكري غربي، خاصة وأن الرئيس الأسبق، باراك أوباما، وصف استخدام الأسلحة الكيميائية حينها بأنه "خط أحمر".
لكن الولايات المتحدة لم تتدخل بشكل كبير، وفي نهاية المطاف، سيطرت قوات الأسد على البلدات التي تعرضت للغاز.
وفي عام 2015، أرسل بوتين قوات روسية لمساعدة جيش الأسد المحاصر، وفما كان الضباط الروس يقدمون المشورة للقوات السورية وكانت الطائرات الروسية تلقي القنابل على المدن السورية - وتتمتع بنفس "ميزة" الإفلات من العقاب الذي بدا أن الأسد يتمتع بها.
وفي أوكرانيا، استخدمت روسيا حملات تضليل مماثلة لتلك التي كانت رائدة في سوريا، حيث وصفت دمشق نشطاء المعارضة زورا بأنهم أعضاء في تنظيم القاعدة، واتهمت المعارضة بشن الهجمات الكيميائية لإلقاء اللوم على الحكومة السورية.
ويقول محللو نيويورك تايمز إن روسيا تقوم بنشر اتهامات مماثلة، مستشهدين بالأخبار التي نشرتها موسكو عن وجود مختبرات بيولوجية في أوكرانيا، وأن الحكومة الأوكرانية "نازية".
وتقول الصحيفة "عند مشاهدة الحرب هناك، يرى العديد من السوريين علامات على أن بوتين يستخدم أجزاء من قواعد اللعبة السورية".
لكن محللين أوروبيين يشيرون إلى وجود فروق واختلافات بين الحرب في البلدين.
ونقلت الصحيفة عن باتريشيا لويس، مديرة برنامج الأمن الدولي في تشاتام هاوس قولها إن "إذا كان بوتين يعتقد أنه سيعامل مثل الأسد، فهو مخطئ لأنه ليس الأسد وهذه ليست سوريا".
وعلى عكس بوتين الذي يقوم بغزو دولة جارة، قام الأسد بفظائعه "محليا" بحسب الصحيفة، كما إن روسيا قوة مسلحة نوويا، مما يعقد مسألة التدخل العسكري.
وحذر إميل حكيم، محلل شؤون الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، من استراتيجيتين يستخدمهما الروس في سوريا ويمكن أن تستخدم في أوكرانيا أيضا.
أحدها كان انخراط روسيا في الدبلوماسية الدولية التي تهدف إلى إنهاء العنف كوسيلة لصرف انتباه الغرب عن الحرب على الأرض، مثل المفاوضات المتعثرة التي تجري بين موسكو وكييف. وأيضا "الخلق المتعمد لأزمة لاجئين لإغراق أوروبا واستنزاف مواردها".
وقال حكيم للصحيفة "إن خلق كارثة إنسانية هو جزء من استراتيجية الحرب، وليس تأثيرا ثانويا، لأن هذه هي الطريقة التي تنقل بها العبء إلى الجانب الآخر".