ألقى العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:
"يستمر الواقع السياسي على حاله من المراوحة من دون ان تبدو في الأفق أي بوادر لحل أزمة الاستحقاق الرئاسي بعدما بات واضحاً أن لا رغبة لأي من الفرقاء السياسيين بالتنازل عن خياره، بل قد يكون أكثر تشبثاً فيه، فيما الخارج الذي كان يراهن عليه بعد الاجتماع الذي صدر أخيراً في الدوحة للجنة الخماسية لا يبدو أن لديه رغبة بالحل أو حتى بتهيئة الظروف له من خلال ما كان يتم الحديث عنه برعايته لحوار بين اللبنانيين، فهو اكتفى بدعوتهم إلى أن يتدبروا أمرهم، بل قد تكون التصريحات والمواقف التي صدرت تسهم في جعل كل فريق يتشبث بقراره".
أضاف :"إننا أمام ما يجري نعيد دعوة الأفرقاء السياسيين إلى أن يبادروا بالقيام بمسؤوليتهم فلا ينتظروا أن يأتي هذا الوفد من الخارج أو ذاك بعدما أصبح واضحاً أن الخارج ليس مستعجلاً وأن لبنان ليس من أولوياته، كما بات واضحاً أن الحل لن يتم إلا بالحوار الذي نراه هو الكفيل بإزالة الهواجس والمخاوف من طرح هذا الخيار أو ذاك وبالتوصل إلى توافق على رئيس يحظى بقبول الجميع".
وتابع فضل الله :"ولقد خبرنا جميعاً تأثير التداعيات التي أدى إليها هذا الفراغ على الصعيد المعيشي والحياتي للبنانيين والذي يزداد سوءاً يوماً بعد يوم وتزداد معاناة اللبنانيين معه، كالذي نشهده على صعيد تأمين الدواء والاستشفاء أو الحصول على مقاعد الدراسة لأولادهم للكلفة الباهظة التي باتت تفرض عليهم أو للفراغ الذي يوشك أن يحصل إن على صعيد قيادة الجيش وانعكاسه على الصعيد الأمني على خلفية الدور الذي يقوم به الجيش في حماية السلم الأهلي أو الحدود، أو على صعيد حاكمية المصرف المركزي والذي سيترك آثاره على الانتظام النقدي أو على سعر صرف الدولار بعدما أبدى نواب الحاكم عدم رغبتهم بتحمل هذه المسؤولية في الظروف الحالية إلا بشروط قد لا تكون واقعية في هذه المرحلة أو غير قابلة للتحقيق".
واردف :"ونحن هنا، ندعو، وعلى الصعيد النقدي والمالي، إلى القيام بكل الخطوات التي توقف سياسات الهدر على صعيد الخزينة والتي لم تتوقف طوال السنوات الماضية والتي تحدث عنها بوضوح القائمون على إدارة هذا النقد، وجرت بالشراكة مع قوى سياسية، والتي أدت إلى المس بمصالح اللبنانيين وبمكتسباتهم وودائعهم وفاقمت من ارتفاع سعر صرف الدولار.
في هذا الوقت، تعود أزمة المودعين إلى الواجهة بعد سلسلة اقتحامات جرت لعدد من البنوك بعدما شعر المودعون باليأس من المطالبة بحقوقهم بالوسائل السلمية وبات السبيل الوحيد أمامهم هو العنف.
فنحن وإن كنا لا نحبذ هذا الأسلوب، لا نستطيع في الوقت نفسه أن ندين من يرى أن أمواله وجنى عمره أمامه ولا يستطيع الوصول إليه ويرى البنوك تزداد أرباحها يوما بعد يوم فيما هو لا يستطيع ان يؤمن حاجاته الضرورية، ومن هنا ندعو أصحاب البنوك ومعهم الدولة المعنية بمواطنيها إلى الإسراع بمعالجة هذا الأمر والعمل على رد الأمانات التي أئتمنوا عليها إلى أصحابها".
وتوقف فضل الله عند " ظاهرة الفلتان الأمني" التي "باتت تتنقل من منطقة إلى أخرى والتي شهدنا في الأسبوع الماضي مظهرا من مظاهرها في مناطق من المفترض أن تكون أكثر أمناً وأماناً، أعادت اللبنانيين إلى أيام ماضية اعتقدوا أنها لن تعود، وهم لا يريدون العودة إليها... ما يدعو إلى استنفار كل الجهود لمواجهة هذا الفلتان ومنع تكراره واستمراره وهو لن يحصل إلا بتعاون مع القوى النافذة على الأرض مع الدولة وأجهزتها ورفع أي غطاء عن المخلين بالأمن، وبهذا التعاون يمكن للأجهزة الأمنية أن تقوم بدورها في معالجة هذه الظواهر".