تحوّل ملف الشغور في قيادة الجيش إلى مادة سجالية بين المؤيدين للتمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون والمعارضين له ، وبدا الملف غير مستقر على قرار حاسم نظرا للأشتباك الحاصل، فيما تسعى الحكومة إلى معالجة الاستحقاق من منطلق وطني ،وفق ما أكد رئيسها نجيب ميقاتي الذي يرغب في التوافق .
"لا للتمديد نعم للتعيين"، قالها التيار الوطني الحر كخيار لحل إشكالية الشغور. في المقابل يرفض حزب القوات اللبنانية هذا الطرح ويؤيد التمديد للعماد عون ومعه قوى أخرى. إنما تبدو المعركة محصورة بين التيار البرتقالي والقوات اللبنانية، وهذه المرة معركة حامية. والدليل على ذلك المواقف المرتفعة السقف والتي لن تهدأ في الوقت الراهن.
من يجد أن التمديد هو أفضل الخيارات يقر بأن المخرج السليم يكون عبر مجلس النواب ولذلك من خلال جلسة تشريعية ببند واحد يحمل عنوان اقتراح قانون لهذا العنوان وما قدمته كتلة الجمهورية القوية هو المناسب.
وكان قضى التفاهم مؤخرا على أن يأتي التمديد حاملا لتوقيع الحكومة بعد دراسة قانونية في هذا المجال، إلا أن العائق الأساسي هو عدم وجود نية في تفجير الحكومة التي يتركز هم رئيسها اولا واخيرا على تسيير الشؤون الوطنية والأنصراف إلى العمل وممارسة المسؤوليات كاملة.
لكن إلى اين تصل المواجهة بين التيار والقوات في هذا الملف ؟
تقول مصادر سياسية مطلعة ل" لبنان ٢٤" أن التيار الوطني الحر ينطلق من أسباب شخصية من التمديد ويوظف الأسلحة المتاحة له في هذا المجال ولن يرتاح لرئيسه البال قبل أن يظفر بالمعركة. وفي المعطيات أنه باشر اتصالات لتأمين رفض واسع لمبدأ التمديد وها هو يصدر البيانات ويطلق المواقف ويذهب في التعليل من دون التطلع إلى الحاجة القصوى والتي تدعو إلى قرار في هذا القبيل فقط، لأنه وضع نصب عينيه التصويب على قائد الجيش الذي سماه الرئيس ميشال عون في حينه ، معلنة أن تمرير التعيين ليس مقبولا لا عبر مراسيم جوالة أو غير ذلك بالنسبة إلى فريق القوات ، في حين أن تكليف الضابط الأعلى رتبة هو سابقة حتى وإن ورد في مواد محددة لقانون الدفاع ، مشيرة إلى التباين بين القوات والتيار واضح وليس محصورا بينهما فحسب بل بين التيار وقوى وكتل أخرى لا تجد أي سبب في رفض تأجيل تسريح قائد الجيش إنما تقترح السلة الكاملة للتمديد.
وتعتبر هذه المصادر أن التعيين بالنسبة إلى القوات يعد خرقا لاسيما أنه التعيين الذي يعود إلى رئيس الجمهورية وهنا يعمد التيار، وفق رأي القوات إلى الانتقاص من صلاحيات الرئاسة التي يستبسل في الدفاع عنها ، وتعتبر أن المسألة بالنسبة إلى الفريقين لها علاقة بنزاع قديم و تباين في الاستراتيجية فضلا عن صراع مسيحي- مسيحي متجذر ، وليس متوقعا له أن يستكين، في حين أن التوجه الذي يعتمد قيد التشاور تفاديا لأي ضرر بالمؤسسة العسكرية وكما لأي طعن دستوري. اما الدعوة لسحب الملف من النقاش الفعلي كي يتوقف استنزاف هذه المؤسسة، فهي متوقفة عند الأفرقاء المعنيين وما قام به الرئيس ميقاتي في مجلس الوزراء الاخير يصب في هذا المجال وهو يطالب بمقاربته بروية.
وترى المصادر أن ما من رابح في هذا المجال لاسيما إن المسألة تتصل بالأمن القومي وهنا تسقط كل الحسابات وتبقى معنويات المؤسسة هي الأولوية ، وهنا لكل طرف قراءته بين دعاة التجديد للمؤسسة عبر التعيين أو خيار آخر في الأقدمية وبين من يرى في قائد الجيش استمرارية للصمود والقوة في هذه الظروف وهذا أمر لا بد منه ، موضحة أن الملف ينتظر من افرقاء آخرين الانتقال من المنطقة الرمادية إلى مرحلة التقرير النهائي .
لا يراد أن تصبح مسألة التعاطي في شغور قيادة الجيش كقصة إبريق الزيت إنما الحاجة تستدعي قرارا واضحا لا لبس فيه يحمي المؤسسة وضباطها وعناصرها .