Advertisement

لبنان

نعم إن رئيس الحكومة مسؤول وله السلطة على الوزراء

Lebanon 24
01-02-2024 | 00:41
A-
A+
Doc-P-1159342-638423705182347866.jpeg
Doc-P-1159342-638423705182347866.jpeg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
كتب الدكتور عصام نعمة إسماعيل استاذ القانون الدستوري في الجامعة اللبنانية:

لأول مرّة في تاريخ الحكومات اللبنانية يلتفت أحد رؤساء الحكومة إلى فقرات مجهولة من المادة 64 دستور التي لم تنل أيضاً نصيباً في مناقشات مجلس النواب عند إقرار التعديلات الدستورية حيث صدّقت هذه المادة بدون نقاش، هذه المادة المخصصة لصلاحيات رئيس مجلس الوزراء تضمنّت إعلاناً لموقعية رئيس مجلس الوزراء وعلاقته بالوزراء والإدارات العامة، ليأتي موقف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي أدلى به في جلسة مناقشة الموازنة العامة 26 كانون الثاني 2024 حول الدافع لمراسلة الوزراء والطلب منهم اتخاذ إجراءات معينة, ومما جاء في كلمته :" إن مسؤوليّة رئيس مجلس الوزراء تَعني تَحمّل التَبعة، والتبعة مُرتبطة بالـسّلطة، فمن غير المنطق وغير المقبول القول بمسؤولية رئيس الحكومة وغض النظر عن الصلاحيات والسلطة التي منحه اياها الدستور، فالسلطة والمسؤولية مُتلازمتان ويُكمّلان بعضهما البعض، وفي مقابل المسؤولية التي أتحملها، وبحسب المادة 64 من الدستور، كرئيس حكومة مسؤول عن تنفيذ سياسة الحكومة العامة، له حق القيادة والسلطة على مجلس الوزراء والوزراء والإدارات والمؤسسات العامة، ومُراقبة تنفيذ هذه السياسة والإشراف عليها.
Advertisement

نعم ما أدلى به رئيس الحكومة هو في موقعه الدستوري السليم، لأن السلطة والمسؤولية قرينان لا يفترقا، بخاصةٍ إذا ما تضمّن النص تحديداً لصلاحيات وضعها الدستور بيد المسؤول لتكون أداةَ ممارسة السلطة، ومع هذه الأدوات يكون من المتعذّر القول بأن هذه المسؤولية إنما هي مسؤولية أدبية لا مسؤولية قانونية.
لقد نصّت المادة 64 من الدستور على مسؤولية رئيس الحكومة في تنفيذ السياسة العامة التي يضعها مجلس الوزراء، وهي المنصوص عنها في المادة 65 التي أناطت بمجلس الوزراء صلاحية مطلقة برسم السياسات العامة في جميع المجالات، أي أن تدخل مجلس الوزراء لا يقتصر على مجالٍ محدد بل يشمل كافة المرافق العامة التي تتولى الوزارات والإدارات العامة تسييرها، ولهذا فإن مسؤولية رئيس الحكومة عن تنفيذ هذه السياسات العامة تستتبع متابعة التنفيذ مع الوزراء المعنيين، وما يعزز هذه السلطة أن المادة 64 قد ابتدأت بالتعريف برئيس مجلس الوزراء بأنه رئيس الحكومة، فاستجمع بشخصه الرئاسة على هذه الحكومة والمسؤولية عن أعمالها. علماً أن الرئاسة هي أيضاً دليل على المسؤولية، إذ أن السلطة الرئاسية تتلخص بأمرين هما سلطة الرقابة وسلطة إصدار التعليمات.
إن هذا التلازم بين السلطة والرئاسة والمسؤولية دفع للقول بأن المسؤولية بمعناها المجازي هـي السلطة فالشخص المسؤول هو صاحب الأمر والنهي والقدرة والاختصاص في مجال المهام أو الوظيفـة المسندة إليه، وهذا التلازم بين السلطة والمسؤولية تتمثل في اشتراكهما في  القاء التبعات على عاتق الشخص المنوط به القيام بممارسة صلاحياته.
 لهذا وبمجرد اعتبار الدستور بأن رئيس مجلس الوزراء  هو المسؤول عن تنفيذ السياسة العامة التي يضعها مجلس الوزراء، فإن هذه المسؤولية تفترض أن له القيادة والأمرة والسلطة على كل الوزراء وهذا ما يخوله صلاحية ملاحقة ومراقبة تنفيذ هذه السياسة والإشراف عليها، وذلك في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمالية والأمينة، لدى جميع الوزارات والإدارات والمؤسسات العامة، كما له حق اعطاء التوجيهات لضمان حسن سير العمل.
والدليل على ذلك أن الدستور قد أعطاه أدوات لممارسة هذه السلطة إذ ورد في الفقرة 7 من المادة 64 أن لرئيس مجلس الوزراء أن يتابع أعمال الإدارات والمؤسسات العامة وينسق بين الوزراء ويعطي التوجهات العامة لضمان حسن سير العمل. وتعني المتابعة ملاحقة التفاضيل اليومية والدقيقة لأعمال الوزرات والإدارات العامة بل وأيضاً المؤسسات العامة التي وإن كان لها الشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري فإن الدستور أوجب على رئيس متابعة أعمال المؤسسات العامة، وهي سلطة لم تمنح بالقوانين حتى لوزير الوصاية ، ويكمّل رئيس الحكومة هذه المتابعة من خلال التنسيق بين الوزراء بحسب الدستور أيضاً، والمنسق له صلاحية التدخل لضبط العمل ومنع التعارض في الصلاحية أو سوء التطبيق، ولم يكتفِ الدستور بمنح رئيس الحكومة صلاحية التنسيق والمتابعة، بل منحه الدستور أيضاً سلطة التوجيه، ولا ريب أن لتوجيهات رئيس الحكومة الطابع الملزم متضمنة أحكاماً تقريرية نافذة تلتزم بها الوزارات والإدارات العامة، إضافة إلى كلّ ما تقدّم من وسائل يملكها رئيس الحكومة فإن الفقرة 8 من الماد 64 من الدستور أجازت له الاتصال المباشر بالجهات المعنية فيعمد الى عقد جلسات عمل مع المدراء العامين يقف فيها على آرائهم ومقترحاتهم ويتبادل معهم المناقشات والاستيضاحات والتوضيحات، ويعطيهم الأوامر والتوجيهات، لكن حفاظاً على مبدأ التسلسل الإداري وصلاحيات الوزراء فقد نص الدستور على أن تعقد جلسات العمل هذه بحضور الوزير المختص.

وبخلاصة موجزة يمكن القول أن المادة 64 من الدستور قد أعطت رئيس مجلس الوزراء سلطة الرئاسة على الحكومة، والمسؤولية عن تنفيذ السياسات العامة التي يضعها مجلس الوزراء، ويملك الحق بمتابعة الأعمال اليومية للإدارات والمؤسسات العامة وينسّق بين الوزراء ويعطي التوجيهات ويصدر الأنظمة والتعاميم ويعقد جلسات عمل مع الوزراء والمدراء العامين، أفلا يكفي كلّ ذلك للقول بالسلطة الأمرية لرئيس الحكومة في تسيير أعمال الوزارات والإدارات والمؤسسات العامة وتوجيه الكتب والتعليمات والتعاميم الملزمة لهم؟؟

(نقلا عن موقع 180 post)

تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك