كتبت كلير شكر في" نداء الوطن": لا جديد لبنانياً قبل وقف إطلاق النار في غزة. معادلة باتت ثابتة حتى لو لم يجاهر بها أي من القوى السياسية أو يقرّ بها على المكشوف. رئاسة الجمهورية معلّقة بانتظار وقف الأعمال العسكرية وانقشاع الرؤية اقليمياً، وكلّ محاولات سفراء اللجنة الخماسية باتت أشبه بتمرين فكري يسبق الاختبار الحقيقي الذي لم يحن وقته بعد. كذلك الأمر بالنسبة «لليوم التالي» اللبناني في ما خصّ الحدود الجنوبية. صحيح أنّ باريس تسعى لكي تعوّض انتكاساتها السابقة، بتكثيف أوراقها ومبادراتها الهادفة إلى ترتيب إطار أمني يلي وقف إطلاق النار في الجنوب، غير أنّ المعنيين في لبنان يتعاملون مع الحراك الفرنسي على أنّه بدل عن ضائع، أميركي بطبيعة الحال، وحين يعود الأصيل سينكفئ الكفيل.
بالنتيجة، لن نعرف ماذا سيحلّ بالوضع اللبناني اذا لم نعرف كيف سينتهي الوضع في غزة، خصوصاً وأنّ الضغوط الغربية وتحديداً الأميركية تكثّفت في المرحلة الأخيرة لفرض وقف إطلاق نار قد يفتح الباب أمام ترتيبات سياسية جديدة في المنطقة، يفترض أن لا يكون لبنان معزولاً عنها. ولذا ستكون الأيام المقبلة مفصلية في ضوء إصرار الإدارة الأميركية على تحقيق إنجاز قبل الانغماس كلياً في السباق الرئاسي إلى البيت الأبيض. هكذا، ضُرب موعد إنجاز الاستحقاق الرئاسي في حزيران المقبل على اعتبار أنّ دول اللجنة الخماسية تعمل على فرض هدنة في غزة، من شأنها اذا حصلت أن تسهّل طريق المفاوضات الحدودية في جنوب لبنان، وقد تسمح أيضاً بإنجاز الاستحقاق الرئاسي.
وفق المعلومات كان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أول من تلّقف موعد حزيران، أو نهاية أيار تحديداً، من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي فاتحه خلال زيارة رئيس الحكومة الأخيرة إلى باريس، بالكلام عن الضغط الدولي، والأميركي بالتحديد الذي ستتم ممارسته في المرحلة المقبلة لوقف الأعمال الحربية في غزة والعمل على صياغة ترتيبات سياسية، يفترض أن تضع الملف اللبناني على الطاولة من خلال مسارين: الأول مرتبط بالوضع في الجنوب (من هنا دخلت باريس على خطّ تحضير الأرضية من خلال ورقة مكتوبة)، والثاني يتصل بالملف الرئاسي. ولهذا استعاد سفراء الخماسية حراكهم الرئاسي عبر سلسلة لقاءات مع القوى السياسية اعتقاداً منهم أنّهم قادرون على التخفيف من تعقيدات الخلافات بين القوى السياسية.
وحين استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري سفراء الخماسية، كان هو المبادر لوضع موعد أيار على الطاولة، مستبقاً كلام السفراء بقوله «أريد رئيساً قبل انتهاء شهر أيار». وهذا ما قاد إلى الظنّ أنّ ميقاتي وضع بري في أجواء ما تبلّغه من الرئيس الفرنسي... لكن إطالة أمد الحرب ستطيّر طبعاً موعد أيار، لتتجه الأنظار إلى حزيران المقبل.
وفق المعنيين، في حال نجحت المساعي الهادفة إلى وقف إطلاق النار، يرجّح أن يتخذ «اليوم التالي» لبنانياً السيناريو الآتي:
سيعود الموفد الأميركي آموس هوكشتاين إلى بيروت لمتابعة المفاوضات الحدودية، مع العلم أنّ من يتواصلون معه ينقلون عنه قوله إنّ الأمور مع المسؤولين اللبنانيين، والرئيس بري تحديداً، قطعت شوطاً مهماً، ويفترض أن تكون زيارته الجديدة لوضع اللمسات على الاتفاق النهائي، الذي سيشمل النقاط الحدودية الـ13 العالقة من باب تثبيت الحدود، والنقطة B1 التي يرجّح أن تقدم كهدية للبنان بعدما كانت إسرائيل ترفض التخلي عنها، ولو أنّ هناك من يعتقد أن استعادة لبنان لهذه النقطة قد تعيد إثارة ملف الحدود البحرية (لكون هذه النقطة تقود إلى الخط البحري 29) غير أنّ هناك وجهة نظر أخرى تفيد بأنّه سيكون من الصعب جداً على لبنان التراجع عن الاتفاق البحري الذي بات موثقاً لدى الأمم المتحدة.
بالتوازي مع «النصر» الذي سيُقدّم لـ»حزب الله» بتحرير النقاط الـ13 والـB1، ثمة أثمان ستدفع في المقابل من خلال الترتيبات الأمنية في جنوب الليطاني. هنا، يبدو أنّ الحديث الغالب بات مرتبطاً بتوسيع حضور الجيش اللبناني واليونيفيل بعد تراجع الكلام عن انسحاب «حزب الله» عشرة كيلومترات لمصلحة غياب مظاهر السلاح مقابل تعزيز وجود الجيش ومنح اليونيفيل حرية التحرك ليشكلا سوياً «منطقة آمنة»، يفترض أن تعوّض مطلب تراجع «حزب الله». وقد جاء توصيفها في الورقة الفرنسية على الشكل الآتي: «إنشاء منطقة بينَ الخط الأزرق ونهر الليطاني خالية من أي أفراد أو مجموعات مسلحة وأصول وأسلحة».
بالتوازي، يفترض أن تتكثّف الاتصالات الداخلية والإقليمية الهادفة إلى انجاز الاستحقاق الرئاسي خصوصاً اذا لم تواجه المفاوضات الحدودية تعقيدات غير محسوبة. من هنا يتردد أنّ سفراء الخماسية قد يعقدون الأسبوع المقبل اجتماعاً جديداً لهم من باب التأكيد على جدية حراكهم ومسعاهم، بانتظار حصول تطورات مهمة في المنطقة تساعدهم على قيادة حوارات مباشرة أو غير مباشرة بين القوى اللبنانية لإنضاج الرئاسة التي لا تزال ضمن مربع واسع الإطار لناحية الأسماء، ولكن في المعايير، يختصرها سفراء الخماسية بقولهم: لا لرئيس بـ65 صوتاً. والمرشحون من الأرقام يفهمون...