كتبت "الاخبار": من حيث انتهت أحزاب النظام، بدأ النواب «التغييريون» الـ13 لعب دورهم في الحياة السياسية من باب الاستحقاق الرئاسي. في الشكل، جولات على الكتل النيابية كرّست المداولات من خارج المؤسسات، ومبادرة «إنقاذية» خالية من أي عبارة تلزم حضور جلسات انتخاب الرئيس. في المضمون، احتكام إلى سقف معارضات الحد الأدنى المعتادة في وجه نظام «الطائف» المحمي داخلياً وخارجياً، وعمادها عموميات ممجوجة أقل من أن تستفز أركان المنظومة. لهذه الأسباب اتسمت الجولة الأولى من اللقاءات بـ«الإيجابية»، ما يؤكد أن النظام قوي بما يكفي!
لم يستسغ الجمهور التشريني جولات نوابه. إذ عارضتها معظم قوى ومجموعات وحركات «انتفاضة 17 تشرين»، وناخبون في الداخل والاغتراب صوّتوا ضد «النظام». في رأي هؤلاء، كرّست الجولة، عملياً، اعتراف «التغييريين» الأول والرسمي بمن لحّنوا له «الهيلاهو»، وبمن وصفه بعضهم بـ«الإرهابي»، وبمن ركب موجة الانتفاضة، وبكل طرف قالوا إنه مستولٍ على الحكم وفاقد للشرعية. وهم في الأصل اعترفوا بكل هؤلاء منذ لحظة خوض الانتخابات ومساهمتهم في تجديد الشرعية، ويقومون اليوم بالاعتراف بما تمثل أحزاب النظام من شعبية توازي 90% من المجلس النيابي، مقابل تكريس أنفسهم كطرف ولاعب سياسي يدخل في حسابات موازين القوى بعد التهميش الذي طاولهم، خصوصاً أنهم مدركون أن رئاسة الجمهورية تحكمها تسويات وتفاهمات أبعد من الحدود، وأن لبننة الاستحقاق وانتخاب شخصية من خارج الاصطفاف السياسي لن تتحققا لمجرد مطالبتهم بهما، تماماً كإدراكهم بأن إسقاط النظام ما كان ليتم لمجرد رفع الشعار في الساحات.
في المبدأ اجتماع تكتلات نيابية بعضها ببعض أمر طبيعي. لكن يؤخذ على النواب الـ13 أنهم جهّلوا الفاعل وعمّموا مسؤولية الخراب على المنظومة، من دون الدخول في تسمية الأمور بأسمائها، تماماً كما تفعل قوى السلطة. من ارتضى التغيير من الداخل وقبل مجالسة خصومه، لم يدرس جيداً كيف ومتى ولماذا وبأي شروط يمكن إحداث «التغيير».
وكتب الان سركيس في" نداء الوطن":امام الرفض السابق بإبرام تحالف مع معارضين، وبعد التظاهرات الصاخبة التي رفعت المشانق للزعماء في الحكم، ووسط تحكّم الثلاثي المتمثل بالتيار «الوطني الحر» وحركة «أمل» و»حزب الله» بالسلطة، أتت أول نكسة وتمثلث بمبادرة رئاسية للنواب التغييريين لا ترقى إلى حجم الاستحقاق.وجاءت النكسة الثانية بجولة هؤلاء النواب على كتل ثلاثي السلطة بعدما رفعوا شعار إسقاط رموزها «كلن يعني كلن»، وهنا يُطرح سؤال كبير «كيف تحاور الضحية جلادها؟!». وفي السياق، ماذا لو أقدمت إحدى الشخصيات المعارضة أو الأحزاب على القيام بهذه الخطوة؟ ألا يفتح عليها باب التخوين وتتهم بأنها تكمل بسياسة التسويات التي خربت البلد؟ في رأي الكثيرين من الجمهور الثوري أن هذه الخطوة تنمّ عن جهل سياسي وإعطاء شرعية لسلطة تجوّع الشعب وتأسره وتشرّع الفساد وتدمّر الشرعية لصالح «الدويلة».