هي قضية تؤرق الكسروانيين، وتحديداً أهالي منطقة ذوق مكايل. تعود القصة إلى 11 شباط 2022، تاريخ إصدار الحكومة- برئاسة الرئيس السابق حسان دياب آنذاك- مرسوماً يعطي الحق لشركة "Liquigas" الخاصة، في إشغال املاك بحرية بمساحة 40 الف متر مربع تقريباً، 10 آلاف منها على البر بينما الـ 30 الفاً متر مربع المتبقية فسوف يتم ردمها في حال الموافقة على المشروع، وانشاء منصة لتعبئة البترول وحوضاً للحماية البحرية، وذلك بقيمة تأجيرية سنوية تبلغ حوالي الـ9 آلاف دولار أميركي بحسب التحالف اللبناني للحوكمة الرشيدة في الصناعات الاستخراجية.
إعتراضاً على هذا المشروع، علا صوت أهالي منطقة ذوق مكايل ومعهم التحالف اللبناني للحوكمة الرشيدة في الصناعات الاستخراجية، خاصة وأن معمل الذوق الحراري الذي لا يبعد اكثر من 200 متر عن المنصة البترولية، معربين عن تخوّفهم من تعريض منطقتهم إلى حادث مشابه لانفجار مرفأ بيروت.
وعلى الرغم من أن الموضوع ليس حديث الساعة بالنسبة للكثيرين، إنّما المختصّون وأهل الشأن يعيرونه الإهتمام اللازم ويلاحقونه قانونياً ومدنياً، منعاً لمرور أي ثغرة قد تتسبب بكارثة.
حتى الساعة... مشروع بلا تقرير رسميّ
بحسب المنسِّق العام الوطني للتحالف اللبناني للحوكمة الرشيدة في الصناعات الاستخراجية مارون الخولي، تكمن الإشكالية الكبرى في عدم إعداد شركة "Liquigas" حتى الساعة، تقرير الأثر البيئي، وهنا منبع الإعتراض الأساسي، متسائلاً: "كيف يمكن لمشروع من هذا النوع يمتدّ على مساحة حوالي الـ40 ألف متر مربع في منطقة مصنّفة سياحية، ألّا يكون له أي تقرير؟".
وعن الأسباب التي تقف وراء إنشاء هذه المنصة، لفت الخولي إلى أن شركة " Liquigas" تملك خزانات في المساحة التي طلبت إنشاء المنصة فيها، كما أن للشركة ميناءها الخاص في الذوق، واتخذت قراراً بتوسيعه وردمه، وتملك ترخيصاً بذلك. فقررت زيادة قيمة الإستثمار، مع العلم أن لها حوالي 35% من حجم النفط في لبنان، فمن الطبيعي أن ترغب بتوسيع نشاطها التجاري".
وفي هذا الإطار، أكد الخولي أن الشركة اكتفت بتقديم تقرير مبدأي لتقييم الأثر البيئي من دون أي تفاصيل عن كيفية السير بالمشروع، مؤكداً أن "القانون موجود ولكنه لا يطبّق إلا شكلياً في بعض الأحيان، بينما المطلوب التشدد بتنفيذه للحفاظ على البيئة وصحة الناس".
نحو القضاء...
وفي حين شدد على أن "لا أحد حتى الساعة يعرف حقيقة ماهية هذا المشروع بسبب غياب تقرير الأثر البيئي الرسمي"، أكد الخولي أن وزير البيئة د. ناصر ياسين متجاوب للغاية ويعمل على تنفيذ القانون البيئي، بدليل أنه تفاعل مع اعتراضنا بكتاب رسمي أكد من خلاله أنه سيشكل لجنة إضافية لمتابعة موضوع الأثر البيئي وفق التقرير الجديد الذي تعمل على إصداره Liquigas في غضون شهر ونصف".
وعن المماطلة في تقديم التقرير الرسمي، قال الخولي إن "المسؤولين قد يعزون ذلك إلى الأوضاع التي مرّ بها لبنان من كورونا، الإضرابات التي طالت القضاء والدوائر العقارية وعدم احترام موضوع المهل"، معرباً عن خوفه من أن يسير المشروع من دون تقرير مستحدث.
كما أكّد الخولي أن الشركة ملزمة اليوم باتباع المسار القانوني، خاصة وأنه جرى تقديم شكويين إلى مجلس شورى الدولة لوقف تنفيذ هذا المشروع، الأولى من الأهالي المحيطين بالمنصة، أما الشكوى الثانية فقدمتها جمعية "الخضر"، وبالتالي "لا مهرب من القانون" على حدّ قوله.
وزارة البيئة: نطبق القانون بحذافيره
وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال د. ناصر ياسين أوضح بشكل حاسم لـ"لبنان 24" أن اللجنة المعيّنة ستدرس التقرير الذي ستقدمه Liquigas، وستعطي رأيها فيه، وبالتالي فإن القرار النهائي بشأن الموافقة من عدمه على هذا المشروع لم يتّخذ بعد".
وقال: "كل الشروط البيئية وضعت في مرسوم الإستملاك الذي يخضع له هذا القرار"، مشدداً على أننا "نطبق القانون كما يجب على الشركة، وبالطبع سنرسل مراقباً إلى جلسات الإستماع".
وأوضح ياسين أنه على وزارة البيئة الموافقة ضمن مهلة محددة حسب المرسوم، فيتم خلال شهر تقديم الملاحظات المدروسة، وعلى الشركة الإلتزام بها إلى أن نصل معها إلى الصيغة النهائية، وبناء عليها يتخذ القرار بالموافقة من عدمه.
وفي حين أكد ياسين أن الوزارة تطبق القانون بحذافيره، شدد على أن الشركة موجودة منذ سبعينيات القرن الماضي واستحصلت على مرسوم خاص بها آنذاك، مشيراً إلى وجود احتمالية المخاطر لكل مشروع على البيئة، ما يحتّم دراسة الأثر البيئي.
المخاطر المحتملة الناتجة عن هذا المشروع
وكان الخولي قد استعرض المخاطر المحتملة الناتجة عن هذا المشروع بالنقاط التالية:
الضرر على البيئة البحرية
يسبب هذا المشروع مخاطر كبيرة على شاطىء كسروان، وبالاخص على الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية، اضافة الى ان انشطة الردم والتحريف، في حال نفذت، ستتجاوز مساحة 30000 الف متر مربع، وهي من الانشطة الصناعية ذات الاثر السلبي على البيئة البحرية مما سيشكل اخلالاً بالتوازن البيئي.
التلوث النفطي
تتعرض هكذا منشآت دائماً للتسرب النفطي ما يؤدي لتلويث مياه البحر، وقد يستغرق تنظيف هذه الانسكابات في حال حصلت شهورا طويلة، مما سيؤدي إلى تدمير الحياة الطبيعية على شواطىء المنطقة والجوار القريب والبعيد، وبشكل خاص الساحل الممتد من ضبيه الى جونيه.
-التلوث الضوضائي والهوائي
يتجاوز التلوث المجال البيئي ويصل إلى التلوث الضوضائي، بحيث ان المشروع سيخلق ازدحاماً كبيراً بسبب دخول وخروج عشرات الصهاريج المحملة بالمواد النفطية .
التصنيف الصناعي لزوق مكايل
لا يتطابق تصنيف المنطقة مع المنشآت الصناعية المراد تنفيذها، والتي تحتاج الى تعديل في التصميم التوجيهي والنظام التفصيلي العام للمنطقة الصناعية في بلدة ذوق مكايل.
الخطر الداهم على معمل الذوق الحراري
يفصل بين المعمل والمنصة أقل من 200 متر، وحركة الأخيرة ستشكل خطراً على السلامة العامة بسبب تفريغ البواخر للمشتقات النفطية على انواعها وتعبئة مئات الصهاريج، مما سيشكل خطرا داهما على معمل الذوق الحراري في حال حدوث اي حريق او تسرّب.