نشرت وكالة "بلينكس" الإماراتية تقريراً تحدثت فيه عن عودة سكان جنوب لبنان إلى بلداتهم وقراهم الحدودية إثر انسحاب الجيش الإسرائيلي منها، أمس الثلاثاء 18 شباط الجاري.
ويقول التقرير إن طوابير بشرية تغطي جنوب لبنان، إذ يتوجه سكان مناطق حدودية مع إسرائيل لمعاينة منازلهم التي هجروا منها بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي منها بموجب اتفاق وقف إطلاق النار مع حزب الله، مبقية سيطرتها على 5 نقاط استراتيجية.
يوضح التقرير أنّ أكوام الركام والحقول المجروفة غيّرت معالم الأحياء التي كانت تضجّ بالحياة قبل اندلاع الحرب في العديسة الحدودية في جنوب لبنان التي دخلها علي قشمر سيرا على الأقدام الثلاثاء بعد الانسحاب الإسرائيلي منها ليقف مذهولا أمام ركام ومبنى مدمّر كان يقع فيه منزله.
وتتشابه المشاهد في الطيبة وحولا وميس الجبل، إذ يروي سكان أنهم لم يتمكّنوا من التعرّف الى منازلهم وأحيائهم من شدة الدمار، وفق التقرير.
ونفّذت القوات الإسرائيلية خلال الأسابيع الماضية عمليات تفجير ضخمة في القرى الحدودية، محدثة دماراً هائلاً، وقالت إنها تدمّر بنى تحتية لحزب الله.
وأدّت المواجهة بين حزب الله وإسرائيل، وفق تقرير للبنك الدولي صدر منتصف تشرين الثاني 2024، الى تضرّر نحو 100 ألف وحدة سكنية، تدمّر نحو 18% منها بالكامل.
"جئنا لنشتمّ رائحة الأرض"
في حديث له، يقول قشمر (74 عاما): "هذا منزلي. كان عبارة عن بناء من 3 طوابق، كنت أقطنه مع أولادي. لقد سويّ تماما بالأرض".
ويشير قشمر إلى منازل قريبة انهارت جدرانها أو تصدّعت قائلا: "هذه منازل أشقائي، كلّها مدمرة"، ويضيف: "جلنا القرية كلها سيرا على الأقدام. لا يمكن للسيارات الدخول اليها".
في الطرق التي اختفت آثارها وفي أماكن هنا وهناك، ركام، ودمار، ويواجه منزل قشمر بلدة مسكاف عام الإسرائيلية التي خلت من أي حركة لجنود إسرائيليين، الثلاثاء.
ويقول قشمر الذي ترك مع أولاده وعائلاتهم العديسة منذ بدء التصعيد بين حزب الله وإسرائيل في تشرين الأول 2023: "جئنا لنشتمّ رائحة الأرض ورائحة القرية، (...) المهجورة والخالية تماما، لكن الدمار شامل ولا مكان يأوينا".
ولم ينتظر السكان طويلا للعودة إلى كفركلا الحدودية التي تعرّضت لدمار هائل، حيث سار العشرات من الأهالي بين حقول الزيتون متوجهين نحو قريتهم التي غادروها منذ أشهر طويلة ليعاينوا تباعا منازل مدمّرة بالكامل.
ومن بين هؤلاء، علاء الزين الذي قال متأثرا إن "القرية منكوبة، أشبه بهيروشيما وناكازاكي، وكأن حربا نووية شنّت على كفركلا".
وعلى الرغم من الدمار الهائل، لكن "سكّان القرية جميعهم عائدون"، مضيفا "سننصب خيمة ونفترش الأرض".
وفي الطريق الى بلدة العديسة، كما هي الحال الى كفركلا وميس الجبل ومركبا وحولا وسواها من البلدات الحدودية التي انسحبت منها القوات الإسرائيلية مع انتهاء المهلة المحددة لانسحابها من جنوب لبنان بموجب اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، يتكرّر مشهد الدمار.
وكانت طوابير سيارات طويلة اصطفت منذ ساعات الصباح الأولى في انتظار سماح الجيش اللبناني للسكان بالدخول الى بلداتهم.
وانتشرت وحدات من الجيش اللبناني منذ ليل الإثنين داخل 11 قرية، وأزالت سواتر ترابية من الطرق كان أقامها الجيش الإسرائيلي خلال سيطرته على المنطقة.
ولم تتحمّل عائلات كثيرة الانتظار، فأكملت طريقها سيرا على الأقدام لتفاجأ بهول الدمار الذي طال المنازل والطرق والحقول الزراعية المجروفة على نطاق واسع.
وبدأ تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار برعاية أميركية فرنسية في 27 تشرين الثاني 2024.
ونصّ الاتفاق على وقف العمليات القتالية وانسحاب إسرائيل من جنوب لبنان، وانسحاب حزب الله حتى نهر الليطاني، أي على بعد قرابة 30 كيلومترا من الحدود.
إلا أن إسرائيل أعلنت مع انسحاب قوات لها، الإثنين، الإبقاء على تواجدها في "5 نقاط استراتيجية مرتفعة".
وتقع إحدى تلك النقاط على الطريق الفاصل بين بلدتي العديسة وكفركلا وبالقرب منها سواتر ترابية مرتفعة.
يُشار إلى أن النقاط الـ5 التي تريد إسرائيل البقاء فيها داخل لبنان هي: تلال اللبونة قبالة مستوطنة شلومي - جبل بلاط قبالة مستوطنة "زرعيت" - جبل الدير المحاذي لمستوطنتي "أفيفيم" و"مالكيا" - تلة الدواوير قبالة كيبوتس مرغليوت - تلة الحمامص- قرب مستوطنة المطلة. (بلينكس - فرانس برس)