من الواضح ان الملفّ الحكومي لا يزال يخضع للمزاجية السياسية، الامر الذي بدأ يؤثر بشكل كبير على مسار التشكيل، إذ انه كلما ارتفعت وتيرة الإيجابية يعود شبح السلبية من خارج السياق العام للمفاوضات ليخيّم على المشهد السياسي ما يوحي وبأقل تعبير بأن "العهد" غير مقتنع بالصيغة التي تمّ التوصل اليها حتى الآن.
وفق مصادر مطلعة، فإن العقد الوزارية التي تتربص بعملية التشكيل وتحول دون الوصول الى تسوية نهائية تؤدي الى تصاعد الدخان الأبيض، مرتبطة بشكل مباشر او غير مباشر برئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه السياسي، ما بدأ يتسبب بامتعاض كبير لدى "حزب الله" الذي يبدي قلقه حيال اختلاق بعض العقبات في طريق التشكيل من دون أن يصل الامر، حتى اللحظة، حدّ الاشتباك السياسي المُعلن بين الحزب و"الوطني الحر".
مما لا شك فيه أن "حزب الله" يولي أهمية كبرى للإسراع في ولادة الحكومة ضمن توازنات محددة وذلك لأسباب عديدة أولها إعادة الاستقرار الاجتماعي، ولو بالحد الأدنى، الى الساحة اللبنانية وتحسين الواقع المالي والنقدي والاقتصادي قدر المستطاع، إذ يدرك الحزب أن هذه الحكومة هي فرصة جيدة للبنان تمكّنه من استعادة عافيته عبر حكومة تقوم بإدارة الانهيار الحاصل ومن الخطأ تضييعها.
من جهة أخرى، يرى الحزب أن تشكيل الحكومة في هذه الظروف الدقيقة التي تمرّ على البلاد سيكون مدخلاً مناسباً للقوى السياسية للتحضير للانتخابات النيابية المقبلة وهو طبعا واحد من هذه القوى، لذلك يعتبر أن حليفه "الوطني الحر" سيستفيد شعبياً من تخفيف وطأة الانهيار، فلماذا اذاً كل هذه المماطلة في حين أن ضيق الوقت لم يعد يسمح للعهد بمزيد من التعنّت ما بين الأخذ والرد.
وترى المصادر أن تصريحات أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصر الله في المرحلة الأخيرة كانت كفيلة بتظهير موقف الحزب من التشكيل لكن الاهم أنها فُسّرت في بعض الاوساط السياسية كرسالة للتيار الوطني الحر، حليفه، اضافة الى بعض الأفرقاء الآخرين لأنه يعتبر ان ثمة تشبث ببعض المطالب التي يمكن الاستغناء عنها ما دام التيار والعهد حصلا على عدد وازن من الوزراء ما يحفظ التوازن السياسي داخل المجلس.
وتعتقد المصادر بأن استمرار العرقلة الحكومية، بغض النظر عمن يتحمّل المسؤولية، سيرتد سلباً على العلاقة بين الطرفين، ولو بقي الأمر سراً، لأن الحزب يرى في التشكيل فرصة ذهبية لقطع الطريق على سيناريوهات كبرى وخطيرة تُحضر للساحة اللبنانية سيكون حتماً الأكثر تضرراً منها، وبالتالي فهو يسعى على قدم وساق من اجل تسهيل عملية التشكيل في حين ان حسابات التيار و"العهد" مرتبطة بميزان الربح والخسارة والمستقبل السياسي للنائب حبران باسيل ما من شأنه ان يزيد من حدة التوتر بين الطرفين. .