في خضمّ الفوضى التي اجتاحت سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، برزت مشكلة خطيرة تُلقي بظلالها على الأمن والاستقرار، مع وجود مجرمين خطيرين بين المعتقلين المفرج عنهم من مختلف السجون في البلاد، مما يفرض تحديات جسيمة في ظل غياب الدولة وأجهزتها الأمنية.
وسارعت فصائل المعارضة إلى إطلاق سراح المعتقلين من مختلف السجون منذ بدء العمليات العسكرية التي أطلقتها في 27 كانون الأول من إدلب وصولاً إلى دمشق في 8 كانون الثاني، بما في ذلك الإفراج عن معتقلين من سجن صيدنايا سيئ السمعة.
وقال الناشط محمد الزعبي، من محافظة درعا، جنوبي سوريا، لـ"24"، إن "التمييز بين المعتقلين السياسيين والجنائيين كان أمراً صعباً عند فتح السجون وإطلاق سراح النزلاء".
وكشف ناشطون سوريون عن وجود محكومين على خلفية جرائم جنائية خطيرة بين المفرج عنهم، وهو ما يثير القلق، خاصة في ظل غياب أي أجهزة أمنية كالشرطة مع حل جميع الإدارات المحسوبة على النظام السابق. وتتراوح الجرائم التي ارتكبها هؤلاء بين القتل، والسرقة، مما يضيف بُعداً جديداً للمخاطر التي تواجه المجتمع السوري المنهك.
ويقول الناشط الزعبي: "الوضع الأمني كارثي، لدينا أناس يحملون السلاح وينتقلون من منطقة إلى أخرى بلا رادع. كثير من هؤلاء كانوا في السجون بسبب جرائم خطيرة، والآن هم أحرار بلا قيود".
ومع انهيار البنية التحتية الأمنية التي كانت قائمة في عهد الأسد، تجد المجتمعات المحلية نفسها في مواجهة مباشرة مع هؤلاء الأفراد، دون أي آليات لحفظ النظام أو إنفاذ القانون.
ويشير السكان المحليون إلى مخاوف من تصاعد أعمال العنف المرتبطة بالجريمة، والاعتداءات المسلحة، والنزاعات بين الفصائل، ما يجعل الحياة اليومية أكثر خطورة.
محاولات محلية لفرض النظام
وفي ظل غياب الدولة المركزية، ظهرت مبادرات محلية لمحاولة فرض النظام، إذ تعمل بعض الفصائل المسلحة على تشكيل لجان أمنية مؤقتة، لكن هذه الجهود تُقابل بتحديات كبيرة.
يوضح الناشط الزعبي أن "هذه اللجان تفتقر إلى التدريب والتمويل، كما أنها تفتقر إلى الحيادية لأن أغلبها مرتبط بفصائل مسلحة ذات أجندات مختلفة".
إضافة إلى ذلك، فإن انعدام التنسيق بين المناطق والفصائل يزيد من صعوبة تطبيق أي حلول فعالة.
هل من حلول مستدامة؟
يرى المحلل السياسي عامر ملحم، أن الحلول المؤقتة ليست كافية لمواجهة هذه الأزمة، وأضاف: "هناك حاجة ماسة إلى إنشاء أجهزة أمنية مستقلة وغير مرتبطة بالفصائل، تعمل على إعادة بناء الثقة في القانون والنظام. كما أن المجتمع الدولي قد يضطلع بدور محوري في دعم مبادرات محلية تهدف إلى إعادة تأهيل المجرمين وتوفير فرص دمجهم في المجتمع".
ومع ذلك، يظل هذا السيناريو بعيد المنال في ظل انعدام الاستقرار السياسي والاقتصادي، "بدون دعم خارجي وهيكلية وطنية واضحة، سنبقى في دوامة الفوضى"، وفق الزعبي حديثه.
وأعلنت وزارة الداخلية في حكومة تصريف الأعمال السورية فتح باب الانتساب لإدارة الأمن العام عبر الالتحاق بكلية الشرطة. (24)