هل تضرب إسرائيل إيران مجددا؟ وهل إيران قادرة على الرد؟
رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي الأسبق، مئير بن شبات، قال للحرة إن هجمات إيران المكثفة على إسرائيل قوبلت بدفاعات جوية قوية وبرد موجع.
وهذا الأمر قد يدفع طهران إلى أن تفكر في جدوى استهداف إسرائيل بالصواريخ والطائرات المسيرة، خاصة بعد "الضربات" التي تلقاها "محور المقاومة" في المنطقة.
وتتذكر إيران أيضا أن هجماتها المكثفة على إسرائيل قوبلت بدفاع جوي "مثير للإعجاب"، وفي المقابل، تلقت ضربة "ليست سهلة".
ويرى بن شبات، وهو مرشح محتمل لقيادة الموساد، أن الواقع الحالي يضع طهران أمام معضلات صعبة، فهي ترى أمام أعينها تغيّرا في ميزان القوى الإقليمي.
هذا التغير لخصه في "انهيار حلقة النار التي بنتها طوال سنوات حول إسرائيل، وانهيار سوريا، والضربة التي تلقاها حزب الله، والهزيمة التي لحقت بحماس".
والحوثيون فقط من بين وكلائها هم من استمروا في مهاجمة إسرائيل بشكل مباشر.
وحتى لو استمرت طهران في امتلاك القدرة على إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل، فإن ذلك قد لا يكون مجديا لها على الإطلاق، وفق بن شبات.
وينصب التركيز في إسرائيل (بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا والضربة القوية التي تلقاها حزب الله)، على الحوثيين في اليمن، في حين تعتبر إسرائيل أن من يحرك الجبهات كافة ضدها هي جهة واحدة: إيران.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، أشار في تصريحاته الأخيرة إلى دروس يفترض أن الشرق الأوسط تعلمها. وقال: "نحن نوجه ضربات لأعدائنا، وأولئك الذين اعتقدوا أنهم سيقطعون خيط حياتنا هنا، سيتعلمون الدرس جميعهم. الحوثيون أيضا سيتعلمون ما تعلمه حماس وحزب الله ونظام الأسد وآخرون، حتى لو استغرق الأمر وقتا، فإن هذا الدرس سيتم تعليمه على امتداد الشرق الأوسط".
وتنقسم الأصوات في إسرائيل بين من يطالبون بعدم الاكتفاء بضرب الحوثيين واستهداف إيران أيضا، وبين من يرون ضرورة إيجاد حلول غير عسكرية.
أفرايم هليفي، رئيس الموساد الأسبق، لا يرى وفق تصريحاته لقناة الحرة أن العنصر الاستخباراتي هو الحل لكل المشكلات، وليست العنصر الذي يحدد في نهاية المطاف نتائج المعركة.
لإسرائيل إنجازات كبيرة في المجال الاستخباري في إيران، والمنظومة الاستخبارية الإسرائيلية متطورة للغاية، وكان لها الكثير من الإنجازات لكن "هناك الكثير من الإخفاقات" أيضا.
يتطرق بن شبات إلى العمليات التي استهدفت أجهزة الاتصالا في لبنان، وسلسلة الاغتيالات التي طالت قيادات حزب الله، التي فاجأت العالم، ويوضح إلى أي مدى أثرت على وعي "أعداء إسرائيل" بشان قدراتها واستمرار الحرب.
يقول بن شبات إن إسرائيل أظهرت أنها تأخذ زمام المبادرة، وتستخدم الحيلة والمكر، ومستعدة للمخاطرة حتى بحرب واسعة النطاق.
و"هذا غيّر الافتراضات الأساسية لدى أعدائنا".
وبشكل عام، أدى تطور الحرب إلى زعزعة الافتراضات الأساسية التي كانت لدى أعداء إسرائيل: من افترض أن إسرائيل لن تصمد أمام حرب متعددة الجبهات، اكتشف "واقعاً مختلفا"، ومن افترض أن إسرائيل لن تتمكن من إدارة حرب طويلة الأمد "فوجئ" بشيء آخر.
ويقول: "نظرية "خيوط العنكبوت" التي طرحها نصر الله سقطت في الهاوية معه".
لكن في الأثناء، تبقى الجبهة مع حزب الله مشتعلة، فرغم اتفاق وقف إطلاق النار، يواصل الجيش الإسرائيلي نشاطاته في الأراضي اللبنانية لدرء التهديدات ضد بلاده.
المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، أكد على عامل اليقظة.
أدرعي قال لقناة الحرة: "نتابع كل محاولات حزب الله إعادة التسلح وإدخال الأسلحة من جديد إلى الساحة اللبنانية. نراقب ذلك عبر الحدود اللبنانية السورية، ونراقب مسارات أخرى قد يلجأ إليها حزب الله بعد سقوط نظام الأسد".
هناك جانب آخر مهم: التعاون العسكري الأميركي الإسرائيلي الذي يزداد يوما بعد يوم، بدءا بنصب بطاريات "ثاد" لاعتراض الصواريخ طويلة المدى، وحتى المجال السيبراني الذي بات ساحة حرب لا يسمع فيها صوت رصاص.
أنهى الجيشان مؤخرا تدريبا مشتركا، وفق اللفتنات كولونيل، أفيف شوشاني، من وحدة العلاقات الخارجية في الجيش الإسرائيلي.
قال الضابط لقناة الحرة: "أنهينا أسبوعين من التدريبات المشتركة "سايبر دوم" (قبة السايبر) مع شركائنا الأميركيين . هذه التدريبات تمت على الأراضي الأميركية للتدرب على الدفاع وعلى الهجوم".
ومع عودة ترامب إلى الرئاسة، تتطلع إسرائيل إلى دعم أميركي متجدد ضد إيران وحلفائها، وربما إدارة تحالفات مختلفة في الشرق الأوسط تأخذ منحى جديدا.
بينس فلدمان، الباحثة في العلاقات الإسرائيلية الأميركية في معهد ميسجاف للدراسات، قالت للحرة إن عودة ترامب "قد تؤثر بصورة كبيرة على الخطط النووية الإيرانية وعلى التهديدات التي تشكلها طهران على الشرق الأوسط، وربما سنشهد ضغطا كبيرا من إدارة ترامب على إيران في مجالها النووي".
ويقول مئير بن شابات إن "إيران تعلم أنها مقبلة على فترة صعبة بسبب سياسات ترامب، الذي يستعد لجعل حياتها أكثر صعوبة".
وأخيرا، يمكن القول إن التحولات الإقليمية والسياسات الدولية ترسم ملامح جديدة للصراع بين إسرائيل وإيران، وفي ظل هذه الأجواء، يبقى السؤال الأهم: إلى أين يتجه الشرق الأوسط في الفترة المقبلة؟ هل نحن أمام تصعيد وشيك أم فرص لتهدئة؟
السيناريوهات تتعدد والأيام كفيلة بالإجابة. (الحرة)