ذكر موقع "The National Interest" الأميركي أن "وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في الشهر الماضي كان بمثابة خطوة حاسمة نحو إطلاق سراح العشرات من الرهائن الذين احتجزتهم حماس وإنهاء الحرب في غزة بشكل دائم، والتي أسفرت حتى الآن عن خسارة ما يقدر بنحو 46 ألف فلسطيني ومقتل أكثر من 2000 مدني وجندي إسرائيلي. وبمجرد إطلاق سراح جميع الرهائن الأحياء المتبقين وإعادتهم إلى أسرهم، فإن التحدي البارز سوف يتمثل في تحديد من سيحكم غزة بعد الحرب. ومن المرجح أن كبار المفاوضين قد قدروا أن الاتفاق لديه فرصة أفضل لإعادة الرهائن الأحياء إلى ديارهم إذا ما تم ترك القضايا الشائكة مثل إعادة الإعمار والحكم والتعافي الاقتصادي لمراحل لاحقة من مناقشات وقف إطلاق النار. ولكن هذا يترك السؤال التالي دون إجابة: من أو ماذا سيأتي بعد حماس؟"
وبحسب الموقع، "هناك العديد من التحديات التي لا تزال قائمة أمام إقامة حكم جديد في غزة، ومن بينها الوجود المستمر لحماس في القطاع، وانعدام الثقة الشديد في السلطة الفلسطينية من جانب الإسرائيليين والفلسطينيين، وإن كان لأسباب مختلفة إلى حد كبير، والجهود المتضافرة التي يبذلها أعضاء الحكومة الإسرائيلية لمنع السلطة الفلسطينية من الحكم بفعالية. وبدلاً من المساهمة في المناقشات حول كيفية تيسير الحكم بعد الحرب، يدعم أعضاء اليمين المتطرف الإسرائيلي اقتراح الرئيس الأميركي دونالد ترامب "بتطهير" غزة ونقل حوالي 1.5 مليون فلسطيني مؤقتًا، أو حتى بشكل دائم، إلى مصر والأردن المجاورتين".
وتابع الموقع، "ذهب ترامب إلى حد التصريح خلال مؤتمر صحفي مشترك عقده مؤخرا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن "الولايات المتحدة سوف تستولي على قطاع غزة بعد الحرب" وتطوره إلى "ريفييرا الشرق الأوسط". وباعتبارها لاعبا رئيسيا في عملية التفاوض على وقف إطلاق النار بين إسرائيل وغزة، يتعين على الولايات المتحدة أن تستغل القنوات الدبلوماسية القائمة لإقناع تل أبيب بأن من مصلحة إسرائيل السماح للسلطة الفلسطينية بعد إصلاحها بحكم غزة بعد الحرب بدلا من الدعوة إلى الترحيل القسري لمليوني مدني من منازلهم. ولن تؤدي مثل هذه السياسة إلى زيادة تأجيج الدوافع القائمة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني فحسب، بل إنها ستؤدي أيضاً إلى إقرار مساعي اليمين الإسرائيلي المتطرف لإعادة توطين اليهود بشكل دائم في غزة.ولتيسير انتقال ناجح وسلمي، ينبغي للولايات المتحدة أن تعمل بدلاً من ذلك مع شركائها في الخليج وحلفائها العرب الآخرين لقيادة جهود حفظ السلام والاستقرار المتعددة الجنسيات في غزة، والتي يمكنها مراقبة شروط وقف إطلاق النار والإشراف على إصلاح السلطة الفلسطينية لضمان قدرتها على تحمل المسؤولية الكاملة عن القطاع".
وأضاف الموقع، "إذا فشلت الولايات المتحدة في اتخاذ هذه الخطوات، فمن المرجح أن تشهد عودة حماس السريعة والمنظمة في غزة وحلقات متكررة من العنف. وعلى الرغم من مرور أكثر من عام على القتال العنيف الذي أسفر عن تجريد حماس من قوتها السياسية والعسكرية، فإن مسلحي كتائب القسام يقومون حالياً بدوريات في شوارع غزة بالآلاف. وتسمح شروط اتفاق وقف إطلاق النار لقوات شرطة حماس باستئناف مهام إنفاذ القانون الأساسية ولكنها تفشل في تحديد من سيتولى المسؤولية عن المنطقة في الأمد البعيد وكيف سيفعل ذلك. وفي غياب وجود السلطة الفلسطينية في غزة، تستطيع حماس أن تستمر في تجديد نشاطها وملء الفراغات الأمنية التي تنشأ في غزة بعد الحرب. وعلى هذا فإن المفاوضين لابد وأن يفكروا في قضايا الحكم بعد الحرب باعتبارها بالغة الأهمية للأمن الفوري لكل من المدنيين الفلسطينيين والإسرائيليين. ومع بدء مفاوضات المرحلة الثانية، فلابد وأن تحظى هذه المحادثات الصعبة بشأن الحكم بالأولوية لتخفيف المعاناة الإنسانية، ومنع الفوضى من خلق تحديات أمنية ولوجستية أعظم، والقضاء على قدرة حماس على ترسيخ سيطرتها على ما تبقى من مؤسسات غزة".
وتابع الموقع، "إن الجهود التي تبذلها إسرائيل للقضاء على التهديدات التي تواجه سكانها المحليين وأمنها الإقليمي الأوسع نطاقا كانت لتكون بلا جدوى لولا الجهود السريعة والمستهدفة لاستبدال حماس بجسم بديل قادر على الحكم. ويتعين على إسرائيل أن تسمح للسلطة الفلسطينية باستعادة السيطرة على غزة حتى تتمكن من ملء المساحة التي تشغلها حماس حاليا بإدارة مدنية قادرة على توفير الخدمات الأساسية، والإشراف على جهود إعادة الإعمار، وتهدئة دورات العنف المستمرة. وتلعب إدارة ترامب الجديدة دورا هنا أيضا في إقناع الإسرائيليين بأن دعم إصلاح السلطة الفلسطينية هو الخيار الأقل سوءا بين العديد من الخيارات غير المقبولة، كما ويتعين على الولايات المتحدة وغيرها من الزعماء الغربيين أيضا إقناع إسرائيل بأن من مصلحة تل أبيب عدم حرمان السلطة الفلسطينية من الموارد أو الشرعية اللازمة للحكم بفعالية في كل من الأراضي الفلسطينية".
وبحسب الموقع، "يتعين على السلطة الفلسطينية أن تخضع لإصلاحات كبيرة لاستعادة ثقة الفلسطينيين في حكومتهم وتأسيس إدارة تمثيلية بقيادة مدنية قادرة على خلافة حماس وإعادة توحيد غزة مع الضفة الغربية. وفي شكلها الحالي، لا تكاد السلطة الفلسطينية قادرة على إدارة التوترات المتصاعدة في الضفة الغربية، ناهيك عن إعادة بناء قطاع غزة المدمر بعد خمسة عشر شهراً من الحرب. ولكي تتمكن الولايات المتحدة من إبعاد حماس عن السلطة بشكل دائم، فلا بد وأن تعمل جنباً إلى جنب مع شركائها العرب والإسرائيليين لدعم عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة. وسوف يكون أحد القرارات الصعبة أمام كافة الأطراف هو تحديد من سيحكم غزة بعد الحرب، ومن المؤمل أن تؤدي الإجابة على هذا السؤال إلى تخفيف المعاناة الإنسانية في غزة وتهدئة المخاوف بشأن الأمن المستقبلي للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء".