لم تتمكن زيارة المُوفد الفرنسيّ الرئاسيّ جان يف لودريان الى لبنان من ان تخطف الأضواء عن الاشكالية التي تشغل المواطنين اللبنانيين وتطرح علامات الاستفهام الكثيرة حول ما تبقى من اموالٍ خاصة بهم في المصارف اللبنانية، التي تعيش بدورها حالة من الارباك في انتظار اتضاح معالم المرحلة المالية والنقدية المُقبلة التي ستلي انتهاء ولاية حاكم المركزيّ الحاليّ رياض سلامة.
ومن الواضح ان الخيارات لملئ الفراغ او الشغور المُنتظر في حاكمية مصرف لبنان لم تعد كثيرة، لا بل يمكن اختصارها بنقطتين اساسيتين:
النقطة الأولى تتمثل في امكانية تسلّم نواب الحاكم الصلاحيات والمسؤوليات وهذا ما بات شبه مستبعد نظراً للشروط التي طالبوا بها ونظراً لعدم رغبتهم في الدخول الى معترك العمل النقدي بما يحمل من مخاطر لا تُحمد عقباها على الرغم من تدرّجهم لسنوات طويلة في صفوف الحاكمية برفقة الحاكم وسياساته المختلفة.
اما النقطة الثانية، فهي متمثلة بالموقف رئيس الحكومة امس الحاسم لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي اكد أن جلسة الخميس ستطرح تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان"، مضيفا"لدي واجب في حماية البلد وقد وصلنا الى وضع خطر".
وما بين النقطتين سلة من علامات الاستفهام حول مواقف القوى السياسيّة اللبنانيّة ، لاسيما المسيحيّة منها المعنيّة بشكل أو بآخر مباشرة بملف حاكمية مصرف لبنان.
في هذا الاطار أكد مصدر مطلع لـ "لبنان 24" ان " ما يجب البحث عنه في الأيام القليلة المُتبقية هو كيفيّة تعاطي الكتل النيابيّة او القوى السياسية مع ملف من حجم حاكمية مصرف لبنان نظراً للآثار السلبية جداً التي يمكن ان يتركها على الاقتصاد اللبناني من مختلف زواياه، الداخلية منها والخارجية، لذلك يمكن القول اننا في مرحلة وضع القوى الفاعلة لبنانياً أمام مسؤولياتها الفعليّة، اذ ينتظر اللبنانيون من هذه القوى ايجاد الحلول اللازمة وعدم المضيّ في اي نوع من انواع النكد او التعطيل السياسيّ".
وأضاف " في الجانب الشيعي، تتجه الأنظار حتماً نحو (حزب الله) الذي أعلن أمينه العام السيد حسن نصرالله بشكل واضح ان حكومة تصريف الاعمال لا يمكنها ان تخوض غمار التعيينات، لذلك تترقب الأوساط ردة الفعل التي سيُعلن عنها (الحزب)، لاسيما ان اعلان تعيين خلف لسلامة جاء أولاً على لسان حليفه الأول رئيس مجلس النواب نبيه بري".
وأكد المصدر عينه انه " على الرغم من أهمية موقف (حزب الله) المُنتظر الا ان الاشكالية الفعلية متمثلة في الموقف المسيحي وتحديداً في موقف الثنائي (التيار الوطنيّ الحرّ) و(القوات اللبنانية) بالاضافة طبعاً الى موقف البطريركية المارونيّة.
وفي هذا السياق، وأقله حتى الساعة يبدو موقف (التيار) و (القوات) متماسكا ومتشابها ومتمثلا في رفض تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، واللافت ان الفريقين المُشار اليهما وكما جرت العادة يتفقان على مفهوم الرفض الا انهما لا يقدمان اي حلّ ممكن او بديلا مقبولا، حتى ان طرح تعيين حارس قضائيّ على المصرف المركزي الذي ينادي به (التيار الوطنيّ الحر) يعلم الجميع ان لا وجود لأي مسوّغ دستوريّ او قانونيّ يؤكده او يدعمه".
واعتبر المصدر انه "بناءً على حالة الرفض المسيحية التي يقودها (التيار) و(القوات) والتي لم تتمكن حتى اليوم الا من رفع حدة الأزمة وتعقيد الاستحقاقات الدستورية على اختلافها، يعوّل البعض على دور معيّن في اتجاه حاكمية مصرف لبنان يمكن ان تقوم به البطريركية المارونية.
فصحيح ان البطريرك مار بشارة بطرس الراعي رفض في احدى عظاته اي تعيين في حاكمية المركزي، الا انه ترك الباب مفتوحاً عندما تحدث عن تعيين (الضرورة لملء الشغور في المجلس العسكري وبخاصة مركز رئيس الأركان، حفاظاً على المؤسسة العسكرية التي تثبت أنها الضامن للأمن والاستقرار في لبنان)".
واشار الى ان " بكركي التي لا تخفي هواجسها من الفراغات المتتالية التي تُصيب المواقع المسيحية الاساسية والمفصلية في لبنان، لن تقف مكتوفة الأيدي امام اي هزة ممكنة قد تنتج عن الشغور المرتقب بعد مغادرة سلامة، لاسيما انها وفي غير مناسبة عبّرت عن اهتمامها الكبير بمصرف لبنان ودوره في الحفاظ على لبنان واقتصاده الحرَ".
وختم المصدر مؤكداً ان " مشاورات واتصالات مكثفة تقوم بها البطريركية المارونية التي سيكون لها موقف واضح تحدد من خلاله خياراتها، التي قد تشكّل الكلمة الفصل في ملف التعيين في حاكمية مصرف لبنان".