هدأت وتيرة الاشتباكات على الحدود الشمالية الشرقية، إلا أنّ أصل الحكاية وتداعيات المستقبل لم تهدأ بعد، طالما لا ترسيم للحدود على أرض الواقع يعطي كل ذي حق حقه. أيام وساعات عصيبة مرّت على
المنطقة هناك، وكادت أن توازي جبهة الجنوب في أوّل أيام الإسناد.. قذائف، صواريخ، مسيّرات، وغيرها من الأسلحة الثقيلة والخفيفة كانت نجمة المعارك بين العشائر
اللبنانية التي كانت تسيطر على الممرات هناك، قبل دخول الجيش إليها من جهة، وبين الجيش السوري، الذي قال عناصره، وإنّ يكن بشكل غير رسمي، أنّهم يعملون على استرجاع ما باعه بشار الأسد.
فما حصل هناك؟ وكيف بدأت المعارك؟
على الصعيد الإنساني أكّدت أرقام حصل عليها "لبنان24" أنّ أكثر من 125 ألف شخص نزحوا من قرى حدودية، سواء كان داخل
لبنان أو سوريا. ومن أصل 125 ألفا، هناك 5000 عائلة لبنانية (30 ألف شخص) تعيش داخل الأراضي
السورية منذ زمن بعيد، أما باقي العائلات فهي تعيش ضمن أراض لبنانية موجودة في الداخل اللبناني. وحسب مصدر أمني وميداني تحدث لـ"لبنان24" فإنه على عكس الاخبار المتداولة والتي أشارت إلى أنّ عناصر من الجيش السوري لم تدخل إلى الداخل اللبناني، فإنّه قد تم رصد هذه العناصر فعليا داخل الأراضي التابعة عقاريا للبنان، ومن هنا أكّد المصدر الأمني أنّ نقطة جدًا أساسية تسجّل على الجهات المعنية التي لم تبدِ في البداية الجدية اللازمة للتحرك، إذ إن التحرك الفعلي بدأ بعد وصول هؤلاء إلى الأراضي
اللبنانية، على الرغم من عدم دخول الجيش بعد بالمعارك التي بدأت أولا بين العشائر وعناصر الجيش السوري.
وفي معلومات خاصة ل"لبنان 24"، فإنّ بداية المسألة هي عبارة عن إشكال حصل بين مهربين، إذ إنّ "عرب مجادلة" يستلمون
المنطقة هناك، وباتجاه هيت فإن الطرقات هناك كانت خاضعة وبشكل
كامل لسيطرة عشيرتين لبنانيتين.
عرب المجادلة، وحسب المصدر، لم يعجبهم الوضع، لأنّ العشريتين تسيطران على خطّ حاويك وجرماش وهذا الخط يقطع باتجاه هيت ومنها إلى طرطوس، أي الساحل. حاول عرب المجادلة أن يعترضوا أفراد العشيرتين الذين يسيطرون على الطريق إلا أنّهم لم يتمكنوا من ردعهم، إلى أن استنجدوا بالمجموعات المسلحة في سوريا.
بعد أن تم الاتفاق بين المجموعات في سوريا على تشكيل ضغط على العشيرتين المسيطرتين، فجأة بدأت القذائف تسقط في حاويك، ومع ارتفاع معدل الضربات، وتمكن العشائر من ردهم عن حاويك، استدعى السوريون عناصر أكثر إلى حين بدأت المعارك القوية التي شهدتها الحدود، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى.
هذا الحشد الذي استطاعت المجموعات
السورية أن تدفع به، أثّر على سير المعارك، ما أعطاهم زخمًا للدخول إلى بلدة حوش السيد علي، وحسب معلومات ميدانية مؤكّدة حصل عليها "لبنان24"، فإنّ المسلحين (غير تابعين لحكومة الشرع) تمكنوا من الوصول إلى المدرسة الرسمية
اللبنانية الموجودة في البلدة، لا بل أكثر من ذلك فقد تخطوا حاجزًا للجيش كان هناك، على الرغم من محاولة نفي حصول هذا الأمر، إلى أن عاود الجيش تعزيز قواته ، ما دفعهم إلى التراجع، بعد أن بدأ الحراك الجدي في
لبنان.
سيناريو الخطف والتبادل
وفي حادثة أخرى حصلت داخل البلدة، افادت معلومات خاصة لـ"لبنان24"، ان المختار وعددا من الأطباء وأحد الأشخاص قرروا البقاء في منازلهم على اعتبار أنّهم لم يحملوا السلاح، إلا أن سيناريو البقاء أخذ منحى آخر، حيث قام المسلحون بخطفهم من منازلهم، ما أدى إلى تطوّر الأمور باتجاه الأسوأ، حيث أخذ شباب العشائر هناك قرارا بخطف مسلحين سوريين وهذا ما حصل فعلاً.
ويكمل المصدر الأمني:" بعد أن تمت عمليتا الخطف، اتُّخذ القرار بتبادل المخطوفين، بعد اتفاق لبناني سوري رسمي بضبط الحدود ووقف الاشتباكات وانكفاء المسلحين السوريين من البلدات التي تتواجد في الداخل السوري إنّما يقطنها لبنانيون. وفي حضور الصليب الأحمر اكتملت عملية التبادل باشراف مخابرات الجيش، إلا أن اللافت في الأمر يتمثل في ان دمشق بعثت بموفدين من الأمن العام السوري لإستلام المخطوفين، على اعتبار أن من كان يحاربون هناك لا ينتمون بشكل رسمي إلى إدارة أحمد الشرع، إنّما هم فصائل سورية مسلحة.
وعلى الرغم من التوصل إلى اتفاق، حاول المسلحون زعزعة الهدوء، إلا أن لا مبرر لهم، طالما أن العشائر انكفأت إلى الوراء وباتت وراء الجيش، وهذا يشير ،بحسب المصدر، إلى أنّ المعارك من الممكن أن تشتعل مجددًا، إذ لا رادع للسوريين، طالما أنّهم فعليا لا ينتمون إلى إدارة الشرع، وهذا ما يؤشر لجبهة صعبة، قد لا تكون بحجم ثقل معركة "فجر الجرود"، إنّما مؤشراتها خطيرة جدًا.
وفي آخر ما تم التوصل إليه، أعلن الجيش الأربعاء بدء تنفيذ تدابير أمنية بمنطقة حوش السيد علي تهدف إلى ضبط الأمن على الحدود مع سوريا.
وقال الجيش: "في ظل الأحداث التي شهدتها منطقة الحدود
اللبنانية السورية، وبعد التنسيق بين السلطات
اللبنانية والسورية بغية الحؤول دون تدهور الأوضاع على الحدود، بدأت الوحدات العسكرية المنتشرة تنفيذ تدابير أمنية في منطقة حوش السيد علي – الهرمل، بما في ذلك تسيير دوريات، لضبط الأمن والحفاظ على الاستقرار في
المنطقة الحدودية".
من جهته، شدد الرئيس جوزاف عون على تثبيت وقف إطلاق النار ووقف الاعتداءات، إضافة إلى ضبط الأمن على الحدود الشمالية الشرقية. في السياق ذاته، أغلق الجيش الأربعاء 4 "معابر غير شرعية" مع سوريا.
وقالت قيادة الجيش إنه "ضمن إطار مراقبة الحدود وضبطها في ظل الأوضاع الراهنة، والعمل على منع أعمال التسلل والتهريب، أغلقت وحدة من الجيش المعابر غير الشرعية وهي المطلبة في منطقة القصر – الهرمل، والفتحة والمعراوية وشحيط الحجيري في منطقة مشاريع القاع – بعلبك".